وَإِنْ عَفَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ، وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ قَدْرِ الْقِيمَةِ، أَوْ أَكْثَرَ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِمَّا صَالَحَ بِهِ، وَإِنْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ أَخَذَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْجَانِي بِالْأَقَلِّ مِنْ بَاقِي الْقِيمَةِ، أَوْ الدِّيَةِ (لَا صَدَاقُ حُرَّةٍ) اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَلَا يَضْمَنُهُ لَهَا (أَوْ غَلَّتُهَا) إذَا اسْتَخْدَمَهَا، أَوْ آجَرَهَا فَلَا يَضْمَنُهَا.
(وَإِنْ هَدَمَ مُكْتَرٍ) مِنْ ذِي شُبْهَةٍ دَارًا مَثَلًا (تَعَدِّيًا) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي فَاسْتُحِقَّتْ (فَلِلْمُسْتَحِقِّ) عَلَى الْمُتَعَدِّي بِالْهَدْمِ (النَّقْضُ) إنْ وُجِدَ (وَقِيمَةُ) نَقْضِ (الْهَدْمِ) أَيْ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا قَائِمَةً؟ فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْبُقْعَةِ، وَالْأَنْقَاضِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِخَمْسَةٍ بَعْدَ أَخْذِ الْأَنْقَاضِ، وَالْبُقْعَةِ فَإِنْ بَاعَ النَّقْضَ هَادِمُهُ كَانَ عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ إنْ شَاءَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ، أَوْ قِيمَتُهُ، وَهَذَا إنْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ، وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ، وَإِجَازَتُهُ، وَأَخْذُ ثَمَنِهِ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضَ وَقِيمَةَ الْهَدْمِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مُكْرِيهِ) مِنْ الْهَدْمِ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ نَفْعِ الْبَرَاءَةِ قَوْلَهُ (كَسَارِقِ عَبْدٍ) مِنْ شَخْصٍ أَبْرَأَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ)
الْعَبْدُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى السَّارِقِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُبْرِئِ (بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ) اسْتَعْمَلَهُ إنْسَانٌ فَلِمَنْ اسْتَحَقَّهُ بِرِقٍّ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ (إلَّا الْقَلِيلَ) كَسَقْيِ دَابَّةٍ وَشِرَاءِ شَيْءٍ تَافِهٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ، وَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ غَلَّتُهَا فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَهُ كَانَ أَبْيَنَ وَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ مِمَّا قَبْلَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا وَلَوْ قَبَضَهَا، وَأَتْلَفَهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أَقْبَضَهَا لَهُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ قِطْعَةَ أَرْضٍ (هَدْمُ مَسْجِدٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَبِ وَلَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ عَفَا) أَيْ الْأَبُ عَنْ الْقَاتِلِ لِلْوَلَدِ عَمْدًا (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ فِيهِ دِيَةً، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَاتِلِ أَيْضًا اهـ.
بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ صَالَحَ الْأَبُ الْقَاتِلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً عَلَى شَيْءٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِمَّا صَالَحَ بِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الدِّيَةُ أَلْفًا، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَتْلِ مِائَتَيْنِ وَوَقَعَ الصُّلْحُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِمَّا صَالَحَ بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بِمِائَتَيْنِ قَدْرَ الْقِيمَةِ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ فَإِنْ صَالَحَ بِمِائَةٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لَا الْقِيمَةَ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ تِلْكَ الْمِائَةَ مِنْ الْأَبِ رَجَعَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْجَانِي أَيْضًا بِمِائَةٍ بَاقِي الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَتَيْنِ كَمَا فَرَضْنَا فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِسْعِمِائَةٍ كَمَالِ الدِّيَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لَا صَدَاقُ حُرَّةٍ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ صَدَاقَ حُرَّةٍ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ لِظَنِّهَا أَمَةً وَلَا يَضْمَنُ غَلَّتَهَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الشُّبْهَةِ وَمِثْلُ الْأَمَةِ الْعَبْدُ يَسْتَحِقُّ بِحُرِّيَّةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهُ وَكَذَا مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا فَاسْتَغَلَّهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَا رُجُوعَ لِمُسْتَحِقِّهَا عَلَى مَنْ أَغَلَّهَا بِالْغَلَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا حَبْسٌ، وَإِلَّا رَدَّ غَلَّتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَشِيدٌ فَلَا يَرْجِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ، وَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا وَقْفٌ كَمَا فِي ح.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ هَدَمَ) أَيْ، أَوْ قَلَعَ الْغَرْسَ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلتَّعَدِّي وَلَمْ يَحْتَرِزْ الْمُصَنِّفُ بِالتَّعَدِّي عَنْ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فَإِنْ هَدَمَهَا بِإِذْنِ الْمُكْرِي كَانَ كَهَدْمِ الْمُكْرِي فَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ النَّقْصَ فَقَطْ إنْ لَمْ يَبِعْهُ الْهَادِمُ فَإِنْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا ثَمَنُهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَفُتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا لَهُ الثَّمَنُ إنْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ أَخْذِهِ، وَأَخْذِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ بَعْدَ الْهَدْمِ وَقَلْعِ الْغَرْسِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ) أَيْ، أَوْ أَفَاتَهُ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ بَيْعٍ (قَوْلُهُ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ) أَيْ مَعَ نَقْصِ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ) أَيْ مَعَ نَقْصِ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ، وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ) أَيْ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ) أَيْ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْمُكْرِي الْمُكْتَرِيَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي هَدَمَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ مَعَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْهَدْمِ قَدْ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمُكْتَرِي بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي وَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُكْرِي بِنَقْصِ الْهَدْمِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ الْإِبْرَاءُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْهَادِمِ (قَوْلُهُ كَسَارِقِ عَبْدٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ عَبْدًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ فَأَفَاتَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوِّتَاتِ فَأَبْرَأَ الْمَالِكُ ذِمَّةَ السَّارِقِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَتْبَعُ السَّارِقَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّةِ السَّارِقِ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَزَلَ فِي بَلَدٍ فَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَعَمِلَ لِشَخْصٍ عَمَلًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِالْمِلْكِ لِكُلِّهِ، أَوْ لِبَعْضِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رُجُوعَ لِرَبِّهِ بِأُجْرَتِهِ كَسَقْيِ دَابَّةٍ، أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، وَإِذَا رَجَعَ مُسْتَحِقُّهُ بِغَيْرِ الْقَلِيلِ أُسْقِطَ مِنْهُ قَدْرُ نَفَقَتِهِ فَتُحْسَبُ تِلْكَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَتَسْقُطُ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى