كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ تَفْرِيطِهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِنُكُولِهِ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَكَذَا الْوَدِيعَةُ، وَالرَّهْنُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ تَعَهُّدُ الْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ فِي أَمَانَتِهِ إذَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْبُ بِتَرْكِ التَّعَهُّدِ وَحَيْثُ ضَمِنَ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ فَإِنْ فَاتَ ضَمِنَ جَمِيعُ قِيمَتِهِ.

(وَبَرِئَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِي كَسْرِ كَسَيْفٍ) وَرُمْحٍ وَخِنْجَرٍ وَنَحْوِهَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ إذَا ادَّعَى أَنَّهَا انْكَسَرَتْ مِنْهُ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ قِتَالِ الْعَدُوِّ (إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ) كَانَ (مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ) وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ الْقَرِينَةُ كَأَنْ تَنْفَصِلَ الْمَعْرَكَةُ وَيُرَى عَلَى السَّيْفِ أَثَرُ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِأَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ أَمْثَالِهَا (أَوْ) كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ (ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ) فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ إنْ كَانَ آلَةَ حَرْبٍ، وَأَتَى بِهَا مَكْسُورَةً فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ الضَّمَانِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ مِثْلِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ كَفَأْسٍ وَنَحْوِهِ، وَأَتَى بِهِ مَكْسُورًا فَلَا بُدَّ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الضَّمَانِ مِنْ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ حَجَرًا وَنَحْوَهُ فَانْكَسَرَ ضَمِنَ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ، وَهِيَ السَّيْفُ وَنَحْوُهُ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَالثَّانِيَةُ بِطَرِيقِ التَّضْمِينِ كَالْفَأْسِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ فِي كَسْرِ كَسَيْفٍ أَيْ وَمَا شَابَهَهُ فِي مُطْلَقِ الضَّرْبِ بِهِ وَقَوْلُهُ إنْ شَهِدَ لَهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ السَّيْفِ وَقَوْلُهُ، أَوْ ضَرَبَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا شَابَهَهُ كَالْفَأْسِ وَاحْتَرَزَ بِالْكَسْرِ عَنْ الثَّلْمِ، وَالْحِفَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا ضَمَانَ.

(وَفِعْلٍ) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ (الْمَأْذُونَ) لَهُ فِيهِ (وَمِثْلُهُ) كَإِعَارَتِهٍ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إرْدَبَّ قَمْحٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا إرْدَبَّ فُولٍ، أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ فَرَكِبَهَا إلَى غَيْرِهِ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ، وَإِنَّمَا مُنِعَتْ الْمَسَافَةُ فِي الْإِجَارَةِ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا سَيَأْتِي لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعُدُولَ فِي الْمَسَافَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّارَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَنْشَأَ عَنْ فِعْلِهِ فَلَا يُبْرِيهِ إلَّا الْبَيِّنَةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَعَارُ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ مَا ذُكِرَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُعِيرُ وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ، وَالْمُودِعُ بِالْكَسْرِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَدِيعَةُ، وَالرَّهْنُ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ، أَوْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ أَنَّ السُّوسَ وَنَحْوَهُ كَقَرْضِ الْفَأْرِ، وَالْحَرْقِ بِالنَّارِ إنَّمَا حَصَلَ بِتَفْرِيطِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ وَغَرِمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (قَوْلُهُ بِتَرْكِ التَّعَهُّدِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ التَّعَهُّدَ تَفْرِيطًا ضَمِنَ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَحَدَثَ الْعَيْبُ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ وَحَيْثُ ضَمِنَ) أَيْ لِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ بِتَرْكِ التَّعَهُّدِ تَفْرِيطًا حَتَّى حَدَثَ الْعَيْبُ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ بِمَا حَدَثَ فِيهِ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَسَوَاءً كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ) أَيْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِسَبَبِ السُّوسِ، أَوْ النَّارِ، أَوْ قَرْضِ الْفَأْرِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَهُ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ، وَإِنْ لَمْ يُفْتِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ضَمِنَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ سَوَاءً كَانَ كَثِيرًا، أَوْ قَلِيلًا.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ) أَيْ اسْتَعَارَهَا صَحِيحَةً وَادَّعَى أَنَّهَا انْكَسَرَتْ مِنْهُ فِي الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى آلَةِ الْحَرْبِ عِنْدَ اللِّقَاءِ؛ لِأَنَّ بِهَا نَجَاتُهُ فَلَا يَضُرُّهُ إلَّا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِالتَّعَدِّي بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ إذَا كَانَ آلَةَ حَرْبٍ وَرَدَّهَا الْمُسْتَعِيرُ مَكْسُورَةً فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُ وَقْتَ اللِّقَاءِ وَلَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ سَوَاءً ثَبَتَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ مِثْلِهَا أَمْ لَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ، أَوْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ) أَيْ كَالْفَأْسِ، وَالْقُدُومِ وَرَدَّهُ الْمُسْتَعِيرُ مُنْكَسِرًا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ فَانْكَسَرَ (قَوْلُهُ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ) أَيْ لِتَنْوِيعِ الْمَوْضُوعِ، وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ بِهِ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ لَا لِلسَّيْفِ اهـ.

وَجَعَلَ تت، أَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُوَافِقًا لِسَحْنُونٍ فِي اشْتِرَاطِ الْأَمْرَيْنِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ كَسْرِ آلَةِ الْحَرْبِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ الْقَائِلِ لَا يُبَرِّئُهُ إلَّا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ حِينَ اللِّقَاءِ، وَأَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَمَا شَابَهَهُ فِي مُطْلَقِ الضَّرْبِ بِهِ) أَيْ كَالْفَأْسِ، وَالْقُدُومِ وَسَاطُورِ الْجَزَّارِ.

(قَوْلُهُ وَفِعْلُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَقَوْلُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ أَيْ مِنْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ أَيْ جَازَ لَهُ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ أَيْ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَمِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَكَذَلِكَ مِثْلُهُ لَا يُطْلَبُ بِفِعْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقٌّ مُبَاحٌ لَهُ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ وَفِعْلُ مِثْلِهِ فِي الْحَمْلِ، وَالْمَسَافَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ، أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلِّ إلَخْ) قَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْإِجَازَةِ عِوَضًا دُونَ مَا هـ.

نَا، وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِنُقُولٍ عِدَّةٍ اُنْظُرْهَا فِي بْن، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِ الَّذِي يُبَاحُ لِلْمُسْتَعْمِرِ فِعْلُهُ الْمِثْلُ فِي الْحَمْلِ لَا فِي الْمَسَافَةِ، وَأَمَّا الْمِثْلُ فِي الْمَسَافَةِ فَيُمْنَعُ فِعْلُهُ هُنَا كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ فَسْخِ الْمَنَافِعِ فِي مِثْلِهَا، وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) إنْ أَرَادَ بِالدَّيْنِ الْأُجْرَةَ فَفِيهِ أَنَّهَا مُلِّكَتْ لِلْمُؤَجِّرِ بِالْعَقْدِ فَلَمْ تُفْسَخْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015