لَمْ يُضَمَّنْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِرَبِّهَا.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّسُولَ إنْ كَانَ رَسُولَ رَبِّ الْمَالِ فَالدَّافِعُ لَهُ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَوَرَثَةِ الرَّسُولِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ رَسُولَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فَلَا يَبْرَأُ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَّا بِوُصُولِهِ لِرَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ مُرْسِلُهُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ، وَهِيَ مُصِيبَةٌ عَلَى الْمُرْسَلِ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِكَلُبْسِ الثَّوْبِ) لُبْسًا مُنْقِصًا (وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ) كَذَلِكَ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ) أَيْ اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ إقْرَارِهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.
(وَإِنْ أَكْرَاهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً، أَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِينَةً (لِمَكَّةَ) وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (وَرَجَعَتْ) سَالِمَةً (بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتَهَا وَلَوْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ (فَلَكَ) يَا رَبَّهَا إنْ شِئْت (قِيمَتُهَا يَوْمَ كِرَائِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي (وَلَا كِرَاءَ) لَك مَعَ أَخْذِ الْقِيمَةِ (أَوْ أَخْذِهِ) أَيْ الْكِرَاءِ (، وَأَخْذُهَا) مِنْهُ وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنَّ عَلَيْك نَفَقَتَهَا وَلَيْسَ لَهُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْكِرَاءِ أَخْذُ الزَّائِدِ كَالْغَاصِبِ وَحُكْمُ الْمُسْتَعَارَةِ، وَالْمُكْتَرَاةِ يَتَعَدَّى بِهَا الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ رَجَعَتْ بِحَالِهَا أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ فَلِرَبِّهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي، وَإِنْ نَقَصَتْ خُيِّرَ كَالتَّخْيِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَبَسَهَا عَنْ سَوْقِهَا أَمْ لَا وَمَفْهُومُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ بِحَالِهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ السَّوْقُ بِنَقْصٍ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ مَا كُرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءِ الْمِثْلِ فَلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِرَبِّهِ بِإِذْنِهِ وَفِي إرْسَالِ عَامِلِ الْقِرَاضِ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ مَعَ رَسُولٍ بِإِذْنِهِ فَيَمُوتُ ذَلِكَ الرَّسُولُ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَالُ مَعَهُ فَيُقَالُ إمَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَحِلِّ رَبِّهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّسُولُ مِنْ طَرَفِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ مِنْ طَرَفِ مُرْسِلِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ ذَلِكَ الرَّسُولُ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِرَبِّهَا) أَيْ وَلِلْمُنَازِعِ، وَهُوَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ مِنْ طَرَفِهِ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ سَبِيلًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ إلَخْ) إذَا عَلِمْتَ هَذَا الْحَاصِلَ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى رَسُولِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى رَسُولِ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ فِي ضَمَانِ الرَّسُولِ جَارٍ فِي رَسُولِ الْمُودَعِ، وَالْمُودِعِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى رَسُولِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ.
(قَوْلُهُ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ) ، وَالضَّامِنُ لَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ إنْ كَانَ اللُّبْسُ، أَوْ الرُّكُوبُ حَاصِلًا مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَغَاصِبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ، وَالضَّمَانُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبَرِئَ أَنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ أَيْ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ بِرَدِّهِ لِرَبِّهِ لَا بِرَدِّهِ لِمَحِلِّ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا انْتِفَاعٌ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا وَدِيعَةً وَمَا تَقَدَّمَ انْتِفَاعٌ بِهَا بَعْدَ أَنْ تَسَلَّفَهَا فَمَا هُنَا بَاقِيَةٌ فِي أَمَانَتِهِ وَمَا تَقَدَّمَ خَرَجَتْ مِنْ أَمَانَتِهِ لِذِمَّتِهِ اهـ.
عبق (قَوْلُهُ سَالِمَةً) أَيْ، وَأَنَّهَا إنَّمَا تَلِفَتْ بَعْدَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ) أَيْ إنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ شَأْنُهُ أَخْذُ الْكِرَاءِ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ هَذَا.
هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْكِرَاءِ تَبَعًا للح فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ) أَيْ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي ذَاتِهَا وَلَوْ تَعَيَّبَتْ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) أَيْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ أَسْوَاقُهَا بِنَقْصٍ وَمِثْلُ تَغَيُّرِ سُوقِهَا مَا إذَا طَالَ الزَّمَانُ طُولًا مَظِنَّةً لِتَغَيُّرِ سُوقِهَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقْتَ كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَقْتَ رُجُوعِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تُرَادُ لِلْبَيْعِ، بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِلْقَنِيَّةِ هَذَا.
هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي طفى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَتَبِعَهُ خش مِنْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا أَكْرَاهَا الْمُودَعَ وَرَجَعَتْ سَالِمَةً إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ سُوقُهَا فَإِنْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا كِرَاؤُهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى خُصُوصِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ.
(قَوْلُهُ أَنْ عَلَيْك) أَيْ يَا رَبَّهَا حَيْثُ أَخَذْتهَا مَعَ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إذَا زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَبِّهَا زَائِدَ النَّفَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَقَةَ، وَالْكِرَاءَ إنْ تُسَاوَيَا، أَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ فَإِنَّ رَبَّهَا يَأْخُذُهَا وَلَا يَدْفَعُ شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مَعَهَا، وَأَمَّا إنْ زَادَ الْكِرَاءُ عَلَى النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ زَائِدَ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا رَجَعَتْ غَيْرَ سَالِمَةٍ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ أُجْرَةَ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَعَدَّى بِهَا وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ نَفَقَتُهَا فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ لَمْ يُغَرَّمْ رَبُّهَا شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ مَعَهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا قُلْتُ إنْ رَجَعَتْ غَيْرَ سَالِمَةٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا رَجَعَتْ سَالِمَةً لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ كَمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَتْ فَلِرَبِّهَا الْقِيمَةُ إلَخْ) أَيْ وَلَا كِرَاءَ لَهَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ الْقِيمَةِ وَلَوْ طَلَبَهُ رَبُّهَا مَا لَمْ يَرْضَ الْمُودَعُ بِدَفْعِهِ لَهُ إذَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ، وَإِنْ رَجَعَتْ نَاقِصَةً فِي ذَاتِهَا بِأَنْ رَجَعَتْ مَرِيضَةً، أَوْ هَزِيلَةً وَسَوَاءً حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَجْرِي فِيمَا إذَا