لِأَنَّ الْفُلُوسَ فِي الْمُحَقَّرَاتِ كَالْعَيْنِ فِي غَيْرِهَا (كَصَرْفِ ذَهَبٍ) دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا عَيَّنَهُ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى صَرْفَ الذَّهَبِ (بِفِضَّةٍ) وَاشْتَرَى فِيهَا فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ نَقْدًا خُيِّرَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ سَلَمًا خُيِّرَ إنْ قَبَضَهُ فِي قَبُولِهِ وَرَدَّ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ تَعَيَّنَ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ طَعَامًا كَمَا سَيَأْتِي لَهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الصَّرْفُ الْمَذْكُورُ هُوَ (الشَّأْنُ) أَوْ كَانَ نَظَرًا فَلَا خِيَارَ (وَكَمُخَالَفَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى كَفُلُوسٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَيْنًا أَوْ سُوقًا أَوْ زَمَانًا) عُيِّنَ لِلْوَكِيلِ فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ مُعْتَبَرٌ (أَوْ بَيْعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَوْ يَسِيرًا فَيُخَيَّرُ (أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (كَثِيرًا) فَيُخَيَّرُ، وَأَمَّا بِالْيَسِيرِ فَلَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الشِّرَاءِ الزِّيَادَةُ لِتَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ.
وَلِذَا قَالَ (إلَّا كَدِينَارَيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (فِي أَرْبَعِينَ) وَثَلَاثَةٍ فِي سِتِّينَ وَوَاحِدٍ فِي عِشْرِينَ فَلَا خِيَارَ لِيَسَارَتِهِ وَشَأْنُ النَّاسِ التَّغَابُنُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَدِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ كَثِيرًا كَأَنَّهُ قَالَ لَا إنْ قُلْت الزِّيَادَةُ كَدِينَارَيْنِ إلَخْ إذْ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ (وَصُدِّقَ) الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ (فِي دَفْعِهِمَا) أَيْ الدِّينَارَيْنِ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَنُ كَالسَّوْطِ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بَقْلًا أَوْ سَوْطًا بِفُلُوسٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ (قَوْلُهُ كَصَرْفِ ذَهَبٍ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي هِيَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ خُيِّرَ مُطْلَقًا) أَيْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ يَلْزَمُ الْمَحْذُورَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي لِلْمُسْلَمِ إنْ أَجَازَ مَنْ فَسَخَ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ طَعَامًا وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ هُنَا أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَرَى نَقْدًا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ كَمَا أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي السَّلَمِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ، وَكَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بِفُلُوسٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ.
(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ وَأَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ ذَهَبِهِ وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ تَرَتَّبَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا وَقَدْ فَسَخَ ذَلِكَ فِي مُؤَخَّرٍ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) إنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَزِمَ الْوَكِيلَ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ بِالدَّرَاهِمِ الْمُخَالِفَةِ لِنَقْدِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ فَكَأَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَهُ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ عَادَةُ النَّاسِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَةُ النَّاسِ شِرَاءُ تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمُوَكَّلِ عَلَى شِرَائِهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَكَانَ نَظَرًا) أَيْ أَوْ كَانَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُوَكَّلِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ لَك لِوُضُوحِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرِي إلَخْ) فَإِذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ إنْ شَاءَ أَجَازَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِالزَّمَانِ وَالسُّوقِ أَوْ لَا وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ لَا يُخَيَّرُ إذَا خَالَفَ سُوقًا أَوْ زَمَانًا عُيِّنَ إلَّا إذَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ بِهِمَا الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ وَيَصِحُّ كَسْرُهَا أَيْضًا فَإِذَا قَالَ لَا تَبِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَلَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ) أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ فِي بَيْعِهِ بِأَقَلَّ فَفِي مُقَدَّرَةٌ وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ بِسَبَبِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِسَبَبِهِ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) أَيْ أَوْ مُخَالَفَتُهُ فِي اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِسَبَبِ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِزِيَادَةٍ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِكَوْنِهَا كَثِيرَةً أَوْ يَسِيرَةً، فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَالتَّخْيِيرُ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَا خِيَارَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا فَأَفَادَ الْحُكْمَيْنِ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ إلَّا كَدِينَارَيْنِ إلَخْ) تَقْرِيرُهُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ خَاصٌّ بِاشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَحْوُهُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ، قَالَ ح وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ الْآمِرُ وَلَوْ يَسِيرًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ ذَلِكَ وَيُخَيَّرُ اهـ بْن (قَوْلُهُ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ نِصْفُ الْعُشْرِ فَأَقَلَّ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةٌ فِي سِتِّينَ) أَيْ وَأَرْبَعَةٌ فِي ثَمَانِينَ وَوَاحِدٌ فِي عِشْرِينَ أَيْ وَنِصْفُ وَاحِدٍ فِي عَشَرَةٍ وَرُبْعُ وَاحِدٍ فِي خَمْسَةٍ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بَيَانُ الْمَفْهُومِ لَا الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا لَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَهَا حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا.
(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ فِي دَفْعِهِمَا لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ بِهِمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَمَحَلُّ حَلِفِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى دَفْعِهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ وَإِذَا صَدَقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي دَفْعِهِمَا وَطَالَ الزَّمَانُ وَادَّعَى الْمُوَكِّلُ دَفْعَهُمَا لِلْوَكِيلِ فَقَالَ بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ مَنْ ادَّعَى دَفْعَ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، وَقِيلَ إنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعِشْرِينَ سَنَةً صُدِّقَ وَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِ الْوَثَائِقِ بِيَدِ الْمُدَّعِي وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ زَادَ