إنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِمَنْ نَازَعَهُ الْأَوْلَى لَك وَالْأَحْسَنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تُنَحَّى عَنْهُ لِمَنْ اتَّسَمَ بِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ خَارِجًا مَخْرَجَ الْفَتْوَى لَا الْحُكْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي اعْتَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ لَا بِوَقْتٍ آخَرَ وَلَا بِمَا اعْتَادَهُ وَالِدُهُ وَلَا إنْ سَافَرَ سَفَرَ انْقِطَاعٍ ثُمَّ قَدِمَ
(و) قُضِيَ عَلَى جَارٍ (بِسَدِّ كَوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ طَاقَةٍ (فُتِحَتْ) أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا تُشْرِفُ عَلَى دَارِ جَارِهِ، وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَيُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت (أُرِيدَ سَدٌّ) بِالتَّنْوِينِ (خَلْفَهَا) أَيْ خَارِجَهَا وَكَذَا دَاخِلَهَا أَيْ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَدِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَإِزَالَةِ الْعَتَبَةِ وَالْوَاجِهَةِ وَالشُّبَّاكِ وَالْخَشَبِ بِالْجَوَانِبِ خَوْفًا مِنْ إطَالَةِ الزَّمَنِ فَيُرِيدُ مَنْ أَحْدَثَهَا أَوْ غَيْرُهُ فَتْحَهَا بِادِّعَائِهِ قِدَمَهَا لِدَلَالَةِ مَحَلِّهَا عَلَيْهَا وَكَذَا غَيْرُهَا مِمَّا يُشْرِفُ عَلَى الْجَارِ حَيْثُ حَدَثَ (وَبِمَنْعِ) ذِي (دُخَانٍ كَحَمَّامٍ) وَفُرْنٍ وَمَطْبَخٍ وَقَمِينٍ (وَرَائِحَةٍ كَدِبَاغٍ) وَمَذْبَحٍ وَمَسْمَطٍ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ لِلضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ الْحَادِثُ مِمَّا ذُكِرَ لَا الْقَدِيمُ (و) بِمَنْعِ (أَنْدَرَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْجَرِينِ (قَبْلُ) أَيْ تُجَاهَ (بَيْتٍ) أَوْ حَانُوتٍ لِتَضَرُّرٍ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ (و) يُمْنَعُ إحْدَاثُ (مُضِرٍّ بِجِدَارٍ) كَرَحًا وَمِدَقٍّ وَبِئْرٍ وَمِرْحَاضٍ (و) إحْدَاثُ (إصْطَبْلٍ أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِمَنْ نَازَعَهُ) أَيْ يَقُولُ لِلسَّابِقِ الَّذِي نَازَعَ الْمُعْتَادَ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَلَامُهُ لَهُ) أَيْ فَيَكُونُ كَلَامُ الْحَاكِمِ لِلسَّابِقِ
(قَوْلُهُ فُتِحَتْ) صِفَةٌ لِكُوَّةٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا بَلْ لَوْ أُرِيدَ بَقَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ سَدٍّ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكُوَّةَ الَّتِي أَحْدَثَ فَتْحَهَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَإِذَا أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا فَقَطْ بَعْدَ الْأَمْرِ بِسَدِّهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِسَدِّ جَمِيعِهَا وَيُزَالُ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَقَيَّدَ ح الْقَضَاءَ بِسَدِّ الْكَوَّةِ الَّتِي حَدَثَ فَتْحُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ عَالِيَةٍ لَا يُحْتَاجُ فِي كَشْفِ الْجَارِ مِنْهَا إلَى صُعُودٍ عَلَى سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ يَتَرَاءَى مِنْهَا الْوُجُوهُ لَا الْمَزَارِعُ وَالْحَيَوَانَاتُ وَإِلَّا لَمْ تُسَدَّ اتِّفَاقًا وَإِذَا سَكَتَ مَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ فَتْحُ الْكَوَّةِ وَنَحْوِهَا عَشْرَ سِنِينَ وَلَمْ يُنْكِرْ جُبِرَ عَلَيْهِ وَلَا مَقَالَ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ اهـ بْن (قَوْلُهُ تُشْرِفُ عَلَى دَارِ جَارِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ وَأَنْ لَا يَظْهَرَ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا إذْ لَا ضَرَرَ فِيهَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُشْرِفَةً عَلَى دَارِ الْجَارِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ خَارِجَهَا) أَيْ وَهُوَ مَا كَانَ جِهَةَ الْجَارِ (قَوْلُهُ كَإِزَالَةِ الْعَتَبَةِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَزَالَ مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَبْقَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا بِوَجْهٍ وَسَدَّهَا مِنْ خَارِجٍ فَقَطْ وَهُوَ جِهَةُ الْجَارِ وَأَبْقَى دَاخِلَهَا بِلَا سَدٍّ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ حَفْرِ حُفْرَةٍ فِي حَائِطِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا اهـ بْن شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَدِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) الْأَوْلَى بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَانَ بِسَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْكَوَّةِ كَشُبَّاكٍ وَبَابٍ وَغَرْفَةٍ فَمَتَى حَدَثَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ مُشْرِفًا عَلَى الْجَارِ قُضِيَ بِإِزَالَتِهِ وَهَدْمِهِ (قَوْلُهُ وَبِمَنْعِ ذِي دُخَانٍ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ ذِي دُخَانٍ إذَا تَضَرَّرَ الْجِيرَانُ بِهِ بِسَبَبِ تَسْوِيدِ الثِّيَابِ وَالْحِيطَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَرَائِحَةٌ أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ إذَا تَضَرَّرَ بِهَا الْجِيرَانُ كَمَدْبَغَةٍ وَمَذْبَحٍ وَمَسْمَطٍ وَمِصْلَقٍ وَمُجَيَّرَةٍ وَالْمَذْبَحُ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِلذَّبْحِ وَالْمَسْمَطُ هُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ مَصَارِينُ الْبَهِيمَةِ وَرَأْسُهَا وَكَرِشُهَا وَيُسْمَطُ فِيهِ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ لِإِزَالَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَقْذَارِ وَالشَّعْرِ وَالْمِصْلَقُ هُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ الْمَصَارِينُ وَالرُّءُوسُ بَعْدَ إخْرَاجِ قَذَرِهَا فِي الْمَسْمَطِ.
(تَنْبِيهٌ) يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنْ تَنْفِيضِ الْحُصْرِ وَنَحْوِهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ إذَا أَضَرَّ الْغُبَارُ بِالْمَارَّةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ عَلَى بَابِ دَارِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ وَأُنْذِرَ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ أَنْدَرَ وَقَوْلُهُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ ح وَلَمْ أَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَصْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَمًا وَلَا صِفَةً وَإِنَّمَا فِيهِ وَزْنُ الْفِعْلِ وَحْدَهُ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الصَّرْفِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ بَيْتٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ مَنْعَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَيْتِ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ قَبْلُ وَأَبْدَلَهُ بِعِنْدَ أَوْ قُرْبَ لَسَلِمَ مِمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْجَرِينَ إذَا كَانَ فِي أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ قَبْلَ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ أَوْ حَانُوتٌ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُمَا كَبُسْتَانٍ فَلَا مَفْهُومَ لِبَيْتٍ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ كَبَيْتٍ بِالْكَافِ كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ وَبِمَنْعِ إحْدَاثٍ مُضِرٍّ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثٍ مُضِرٍّ (قَوْلُهُ كَرَحًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْغَسَّالُ وَالْحَدَّادُ وَالدَّقَّاقُ إذَا كَانَ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمْ فَقَطْ وَلَا يَضُرُّ بِجِدَارِ الْجَارِ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِحْدَاثُ إصْطَبْلٍ) وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ إصْطَبْلِ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا مِنْ الدَّوَابِّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَنْعُ لِلرَّائِحَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَرَائِحَةٌ كَدِبَاغٍ، وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ بِالْجِدَارِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّأَذِّي بِالصَّوْتِ فَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِحْدَاثِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ إحْدَاثِهِ الرَّائِحَةَ وَالضَّرَرَ بِالْجِدَارِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ التَّنْصِيصَ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حَانُوتُ قُبَالَةَ بَابٍ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ حَانُوتٍ لِلْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ لِصَنْعَةٍ قُبَالَةَ بَابِ شَخْصٍ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ التَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَوْلَى فِي الْمَنْعِ مِنْ