قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ (إذْ أَبَيَا) أَيْ شَرِيكَاهُ مِنْ إقَامَتِهَا مَعَهُ وَمِنْ إذْنِهِمَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ (فَالْغَلَّةُ لَهُمْ) جَمِيعًا بِالسَّوِيَّةِ (وَيَسْتَوْفِي) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُقِيمُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْغَلَّةِ (مَا أَنْفَقَ) عَلَى إقَامَتِهَا وَرَجَعَ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَمَفْهُومُ أَبَيَا أَنَّهُمَا إنْ أَذِنَاهُ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ سَكَتَا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا فَيَرْجِعُ فِي ذِمَّتِهِمَا
(و) قُضِيَ عَلَى جَارٍ (بِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ) فِي بَيْتِهِ (لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ) مِنْ جِهَتِهِ (وَنَحْوَهُ) أَيْ الْجِدَارِ كَغَرْزِ خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ الْإِصْلَاحِ كَثَوْبٍ سَقَطَ أَوْ دَابَّةٍ دَخَلَتْ فِي دَارِهِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِ جَارِهِ دَارِهِ لِأَخْذِ مَا ذُكِرَ (و) قُضِيَ (بِقِسْمَتِهِ) أَيْ الْجِدَارِ (إنْ طُلِبَتْ) وَصِفَةُ الْقِسْمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَقْسِمَ طُولًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ مَثَلًا فَإِذَا كَانَ طُولُهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فِي عَرْضِ شِبْرَيْنِ مَثَلًا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ بِالْقُرْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِطُولِهِ امْتِدَادُهُ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ مَثَلًا لَا ارْتِفَاعُهُ و (لَا) يُقْسَمُ (بِطُولِهِ عَرْضًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَرْضُ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِبْرًا مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِيهِ بِطُولِ الْعِشْرِينَ ذِرَاعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَبَيَا مِنْ الْإِصْلَاحِ وَمِنْ إذْنِهِمَا لَهُ فِيهِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي عِمَارَتِهَا إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ نَفَقَةً فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِمَنْ عَمَّرَ وَعَلَيْهِ لِمَنْ شَارَكَهُ حِصَّتَهُ مِنْ كِرَائِهَا خَرَابًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ أُكْرِيَتْ لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَاسْتِشْكَالُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْغَلَّةِ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ جُمْلَةً وَأَخَذَ مَفْرَقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمَا لِلْحَاكِمِ فَيُجْبِرُهَا عَلَى الْإِصْلَاحِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يُصْلِحُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْعِمَارَةِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادٍ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ لَكِنْ مَا مَرَّ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَمَا هُنَا فِي عِمَارَتِهِ إذْ أَبَيَا قَبْلَ رَفْعِهِمَا لِلْقَاضِي فَلَا مُنَافَاةَ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ إذْنِهِمَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ إبَايَتُهُمْ مِنْ الْإِذْنِ لَهُ مِنْ حِينِ طُلِبَتْ مِنْهُمَا الْعِمَارَةُ إلَى آخِرِهَا أَوْ سَكَتَا حِينَ الِاسْتِئْذَانِ ثُمَّ أَبَيَا حَالَ الْعِمَارَةِ أَوْ عَكْسَهُ بِأَنْ أَبَيَا حِينَ الِاسْتِئْذَانِ وَسَكَتَا حِينَ الْعِمَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ سَكَتَا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَأْذَنَهُمَا أَمْ لَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ فُرُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ مَا إذَا اسْتَأْذَنَهُمَا فِي الْعِمَارَةِ وَأَبَيَا وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْمَنْعِ إلَى تَمَامِ الْعِمَارَةِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ فِي الْغَلَّةِ، وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَسْكُتَا ثُمَّ يَأْبَيَا حَالَ الْعِمَارَةِ، وَالثَّالِثُ عَكْسُهُ وَهُوَ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ وَالْحُكْمُ فِي هَذَيْنِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ بِهِ فِي الْغَلَّةِ كَالْأَوَّلِ، وَالرَّابِعُ أَنْ يُعَمِّرَ قَبْلَ عِلْمِ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا سَوَاءٌ رَضُوا بِمَا فَعَلَ أَوْ لَا وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي ذِمَّتِهِمْ لِقِيَامِهِ عَنْهُمَا بِمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ، وَالْخَامِسُ أَنْ يُعَمِّرَ بِإِذْنِهِمْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ مَا يُنَافِي الْإِذْنَ لِانْقِضَاءِ الْعِمَارَةِ وَحُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَالسَّادِسُ أَنْ يَسْكُتُوا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَهُمْ أَمْ لَا وَحُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَالسَّابِعُ أَنْ يَأْذَنُوا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ ثُمَّ يَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ الَّتِي يُعَمِّرُ بِهَا ثُمَّ عَمَّرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي ذِمَّتِهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ
(قَوْلُهُ وَقُضِيَ عَلَى جَارٍ بِالْإِذْنِ) أَيْ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْجَارِ أَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ فِي أَنْ يُدْخِلَ الْأُجَرَاءَ وَالْبَنَّائِينَ مِنْ دَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارِهِ الْكَائِنِ مِنْ جِهَتِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَهُمَا دُخُولُ دَارِ الْجَارِ وَضَرُورَةُ الْإِصْلَاحِ وَدُخُولُ دَارِ الْجَارِ أَخَفُّ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْزِلَ كَنِيفِ الْجَارِ إذَا كَانَ فِي دَارِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْجَارِ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ بِإِدْخَالِ الْعَمَلَةِ فِي دَارِهِ لِأَجْلِ نَزْحِهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْجَارِ بِالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ الْجِدَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَتُّوحٍ وَأَشْعَرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ تَطْيِينَ أَوْ تَبْيِيضَ حَائِطِهِ مِنْ جِهَةِ جَارِهِ فَلَهُ مَنْعُهُ حَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ إصْلَاحُ جِدَارِهِ كَمَا أَنَّ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ إدْخَالِ جِصٍّ وَطِينٍ فِي دَارِهِ وَيَفْتَحُ لَهُ كُوَّةً فِي حَائِطِهِ لِأَخْذِ ذَلِكَ إذْ رُبَّمَا كَدَّرَ عَلَيْهِ دَارِهِ، بَلْ قَالُوا: إذَا أَذِنَ الْجَارُ لِجَارِهِ فِي إدْخَالِهِ الْعَمَلَةَ فِي دَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارِهِ وَتَضَرَّرَ مِنْ دُخُولِ الْجَارِ مَعَ الْعَمَلَةِ كَانَ لَهُ وَيَصِفُ مَا يُرِيدُ عَمَلَهُ لِلْعَمَلَةِ وَهُمْ يَعْمَلُونَ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَرْضِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ عَرْضَنَا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ لَا يَقْسِمُ عَرْضَهُ مُلْتَبِسًا بِطُولِهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِيهِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْقَسْمَ بِالْقُرْعَةِ فَتَارَةً يَأْتِيهِ بِهَا مَا يَلِيهِ وَتَارَةً مَا يَلِي صَاحِبَهُ وَلَوْ أُرِيدَ قَسْمُهُ بِالتَّرَاضِي لَجَازَ الْقَسْمُ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنْ الطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وح اهـ بْن وَفِي شب أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ تَرَاضِيهِمَا عَلَى قَسْمِهِ عَرْضًا إذَا تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ جِهَتِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ وَشَرْطُ الْبَيْعِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْجِدَارَ يُقْضَى بِقِسْمَتِهِ بِالْقُرْعَةِ طُولًا لَا عَرْضًا وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِالتَّرَاضِي طُولًا وَعَرْضًا إذَا تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِلَّا مُنِعَ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ