رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ إجَازَتُهُ لَا رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ لِئَلَّا يَلْزَمَ عِتْقُ الْمَالِكِ بَعْضًا بِلَا اسْتِكْمَالٍ (وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ تَبَرُّعٌ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ) مَا بَيْنَ التَّبَرُّعَيْنِ بِعَامٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ نِصْفِهِ عَلَى آخَرَ فَلَهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَكَأَنَّهُ لِلْبُعْدِ صَارَ مَالًا بِرَأْسِهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[باب في أقسام الصلح وأحكامه]

[دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (الصُّلْحُ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَنْ إقْرَارٍ وَسُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَهُوَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ هِبَةٌ وَبَيَّنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ السُّكُوتَ وَالْإِنْكَارَ بَعْدُ فَقَالَ (عَلَى) أَخْذِ (غَيْرِ الْمُدَّعَى) بِهِ (بَيْعٌ) لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ كَدَعْوَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَأَقَرَّ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ عَلَى عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطُ الْبَيْعِ كَصُلْحِهِ عَنْ عَبْدٍ بِثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ أَوْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ بِشَيْءٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا تَبَرَّعَتْ بِالزَّائِدِ حُمِلَتْ عَلَى أَنَّ قَصْدَهَا إضْرَارُ الزَّوْجِ فَعُومِلَتْ بِنَقِيضِ قَصْدِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الثُّلُثِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إلَّا الزَّائِدَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّ الْجَمِيعِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ إجَازَتُهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِي الثُّلُثِ كَوَرَثَةِ الْمَرِيضِ.

(تَنْبِيهٌ) رَدُّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَدُّ إبْطَالٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَأَمَّا رَدُّ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ رَدُّ إيقَافٍ بِإِيقَافٍ وَرَدُّ الْوَلِيِّ الشَّامِلِ لِلسَّيِّدِ لِأَفْعَالِ مَحْجُورِهِ فَهُوَ رَدُّ إبْطَالٍ بِاتِّفَاقٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ

وَأَوْقِفَنْ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفْ

أَيْ لِلْقَاضِي حُكْمُ مَنْ نَابَ عَنْهُ فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَدِينِ فَإِيقَافٌ أَوْ عَلَى الْمَحْجُورِ فَإِبْطَالٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إذَا تَبَرَّعَ بِزَائِدٍ عَنْ ثُلُثِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ رَدُّ الْجَمِيعِ بَلْ رَدُّ الزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ فَقَطْ أَوْ إجَازَةُ الْجَمِيعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَادِرَةٌ عَلَى إنْشَاءِ مَا أَبْطَلَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ مُدَّةٍ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُهُ عَلَى آخَرَ أَيْ وَهُوَ قَوْلِ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَحَكَى عج تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ قِيلَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ أَصْبَغَ لِأَنَّهُ تِلْمِيذُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ فَهُوَ أَدْرَى بِأَقْوَالِهِمْ خُصُوصًا وَقَدْ قَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا ابْنُ سَهْلٍ فَهُوَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ

[بَابٌ فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ]

(بَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ مِنْ حَيْثُ هُوَ.

(قَوْلُهُ: إمَّا بَيْعٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ مُغَايِرًا لِلْمُدَّعَى بِهِ وَكَانَ ذَاتًا فَهُوَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً فَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهُوَ هِبَةٌ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ تَجْرِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَعَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى السُّكُوتِ.

أَمَّا جَرَيَانُهَا فِي الْإِقْرَارِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَبِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى بِهِ وَالْمُصَالَحِ بِهِ وَأَمَّا فِي السُّكُوتِ فَلِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَحَدِهِمَا أَيْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ إمَّا مُقِرٌّ أَوْ مُنْكِرٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَيَّنَ هَذِهِ الْإِقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَجْرِي أَيْضًا فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ وَعَلَى الْإِنْكَارِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْإِنْكَارَ وَالسُّكُوتَ بِالذِّكْرِ فِيمَا يَأْتِي حَيْثُ قَالَ أَوْ السُّكُوتُ أَوْ الْإِنْكَارُ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَا هُنَا وَيُعَمِّمُ فِي قَوْلِهِ هُنَا الصُّلْحُ إلَخْ أَيْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ لِانْفِرَادِهِمَا عَنْ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ لَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَذْفِ نَائِبِ الْفَاعِلِ إذْ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ أَيْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ عِوَضًا عَنْهُ ذَاتًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَهَذَا مُجْمَلٌ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَكَانَ يَقُولُ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ بِهِ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ فِي الْبَيْعِ مَعْلُومًا وَفِي الْإِجَارَةِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا.

(قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْمَأْخُوذِ عِوَضًا ظَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ نَقْدًا) اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فِي الذِّمَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُصَالَحِ بِهِ نَقْدًا (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ نَقْدًا وَأَمَّا لِأَجَلٍ فَيُمْنَعُ لِرِبَا النَّسَاءِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ) أَيْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015