وَاسْتُحْسِنَ أَنَّ الْعُرْفَ كَالنَّصِّ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا لِأَهْلِ الْبَوَادِي وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ وَلَا يُوصِي عَلَى أَوْلَادِهِ اعْتِمَادًا عَلَى أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ جَدٍّ وَيَكْفُلُ الصِّغَارَ مَنْ ذَكَرَ فَلَهُمْ الْبَيْعُ بِشُرُوطِهِ وَيَمْضِي وَلَا يَنْقُضُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالشَّفَقَةِ وَحُسْنِ التَّرْبِيَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ) تَصَرُّفِ الْحَاضِنِ فِي الشَّيْءِ (الْيَسِيرِ) حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا عُرْفَ (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ الْيَسِيرِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ (تَرَدُّدٌ) وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (وَلِلْوَلِيِّ) أَبًا أَوْ غَيْرَهُ (تَرْكُ التَّشَفُّعِ) أَيْ الْأَخْذِ لِمَحْجُورِهِ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَ نَظَرًا (و) تَرْكُ (الْقِصَاصِ) الْوَاجِبِ لِلصَّغِيرِ خَاصَّةً وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَنْظُرُ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقِصَاصٍ وَإِذَا تَرَكَا بِالنَّظَرِ (فَيَسْقُطَانِ) فَلَا قِيَامَ لِلْمَحْجُورِ بِهِمَا إذَا بَلَغَ وَرَشَدَ بِخِلَافِ تَرْكِهِمَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ فَلَهُ الْقِيَامُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ (وَلَا يَعْفُو) فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَإٍ مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا لِعُسْرٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ (وَمَضَى عِتْقُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ لِعَبْدِ مَحْجُورِهِ بَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً (بِعِوَضٍ) مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ (كَأَبِيهِ) أَيْ أَبِي الْمَحْجُورِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ وَإِنْ بِلَا عِوَضٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ عِتْقِ رَقِيقِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ أَبَاهُ لَكِنَّ مَحَلَّ مُضِيِّ عِتْقِ أَبِيهِ (إنْ أَيْسَرَ) الْأَبُ يَوْمَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ وَغَرِمَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَرُدَّ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهَا بِبَابِ الْقَضَاءِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يَحْكُمُ) أَيْ إنَّمَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَنْ يَحْكُمَ (فِي الرُّشْدِ و) فِي ضِدِّهِ وَهُوَ السَّفَهُ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ بِحَاضِنٍ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْقَرِيبِ.
(قَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ أَنَّ الْعُرْفَ كَالنَّصِّ) أَيْ أَنَّ الْعُرْفَ الْجَارِيَ بِتَوَلِّيهِ أَمْرَ الْيَتِيمِ وَالنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ كَالنَّصِّ عَلَى وِصَايَتِهِ وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْكَافِلَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ بِدُونِ هَذَا الْعُرْفِ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ جَيِّدَةٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي لِأَنَّهُمْ يُهْمِلُونَ الْإِيصَاءَ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ) أَيْ كَأَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْإِيصَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الصِّغَارِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ عَنْ صِغَارٍ يُعْتَمَدُ فِي تَرْبِيَتِهِمْ عَلَى أَخٍ لَهُمْ كَبِيرٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ عَمٍّ (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ) ابْنُ هِلَالٍ فِي بَيْعِ الْحَاضِنِ عَلَى مَحْضُونِهِ الْيَتِيمِ الصَّغِيرِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مَا لِأَصْبَغَ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَجُوزُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ ثُمَّ قَالَ فَعَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْحَضَانَةِ وَصِغَرُ الْمَحْضُونِ وَالْحَاجَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْبَيْعِ وَتَفَاهَةُ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَعْرِفَةُ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَتَشْهَدُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا بَيِّنَةٌ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ كَانَ لِلْمَحْضُونِ إذَا كَبُرَ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَقَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْأَخْذُ لِمَحْجُورِهِ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحْجُورُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الْقِصَاصِ) أَيْ وَلِلْوَلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ تَرْكُ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ لِلصَّغِيرِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَى أَطْرَافِهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ التَّرْكُ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً لِلْمَحْجُورِ وَتَرْكُ الْقِصَاصِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَنْظُرُ لِنَفْسِهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى لِوَلِيِّهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا وَجَبَ لَهُ وَإِذَا نَظَرَ فِيمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَفَا عَنْ الْجَانِي فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّ ذَلِكَ الْعَفْوِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَفْيِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقِصَاصُ الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَنَفْيُهُ أَوْ يَزِيدُ قَوْلُهُ إلَخْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقِصَاصٌ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَسْقُطَانِ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا حَصَلَ تَرْكُ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ بِالنَّظَرِ فَيَسْقُطَانِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْفُو) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجِنَايَةِ خَطَأً مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَأَمَّا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالْقِصَاصُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ عَمْدٍ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُسْرٍ أَيْ مِنْ الْجَانِي وَيَحْتَمِلُ إلَّا لِعُسْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَاحْتِيَاجِهِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبٍ وَأَعْتَقَ رَقِيقَ الْمَحْجُورِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي أَيْ إذَا كَانَ الْعِتْقُ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ حِينَ الْعِتْقِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ رُدَّ الْعِتْقُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا لِلْمَحْجُورِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَمَا فِي خش مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا فَغَيْرُ صَوَابٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يُرَدُّ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (وَقَوْلُهُ أَيْ أَبِي الْمَحْجُورِ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَمْضِي عِتْقُ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ أَبًا لِلْمَحْجُورِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا وَإِنْ بِلَا عِوَضٍ مُعَيَّنٍ حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ غَيْرَ أَبِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ) أَيْ الْوَلِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبَاهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ تَامٍّ.
(قَوْلُهُ: وَغَرِمَ) أَيْ الْأَبُ وَالْمُرَادُ بِثَمَنِهِ قِيمَتُهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُحْكَمُ فِي الرُّشْدِ إلَخْ) أَيْ إذَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ بِأَنْ حَصَلَ