(وَضَمِنَ) الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (مَا أَفْسَدَ) أَيْ مَا أَتْلَفَهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِالْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الصَّبِيِّ (إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَالِ الَّذِي أَفْسَدَهُ فَإِنْ أُمِنَ أَيْ اُسْتُحْفِظَ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا أُمِنَ عَلَيْهِ فِي أَكْلٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صَانَهُ أَيْ حَفِظَهُ خَاصَّةً فَإِنْ تَلِفَ وَأَفَادَ غَيْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِذَا بَاعَ مَا أُمِنَ عَلَيْهِ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِهِ إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ إلَّا أَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ يَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِيهَا بِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرَ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَأْمِينُهُ وَفِيمَا أَتْلَفَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ وَقِيلَ كِلَاهُمَا هَدَرٌ
(وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ الْمُمَيِّزِ (كَالسَّفِيهِ) تَشْبِيهٌ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إلَى هُنَا إنْ أُرِيدَ الصَّبِيُّ (إنْ لَمْ يَخْلِطْ) مَنْ ذَكَرَ فِي وَصِيَّتِهِ بِأَنْ لَا يَتَنَاقَضَ أَوْ بِأَنْ يُوصِيَ بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ (إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبِحِفْظِهِ لِمَالِهِ بِأَنْ لَا يَصْرِفَهُ فِي شَهَوَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ مَعَ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ رُشْدُهُ
(و) إلَى (فَكِّ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ) مِنْ قَاضٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَا الْأَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَكٍّ مِنْ أَبِيهِ بِخِلَافِ ذِي الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْفَكُّ مِنْهُمَا إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَصُورَةُ الْفَكِّ أَنْ يَقُولَ لِلْعُدُولِ اشْهَدُوا إنِّي فَكَكْت الْحَجْرَ عَنْ فُلَانٍ مَحْجُورِي وَأَطْلَقَتْ لَهُ التَّصَرُّفَ وَمَلَّكْت لَهُ أَمْرَهُ لِمَا قَامَ عِنْدِي مِنْ رُشْدِهِ وَحِفْظِهِ لِمَالِهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ ذُو الْوَصِيِّ إلَى الْفَكِّ بِخِلَافِ ذِي الْأَبِ مَعَ أَنَّهُ الْأَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الصَّبِيُّ) مِثْلُهُ السَّفِيهُ فَمَا قِيلَ فِي الصَّبِيِّ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُؤْمَنَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يَصُنْ بِهِ مَالَهُ يُقَالُ فِي السَّفِيهِ فِي إتْلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ فَأَتْلَفَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ قَدْ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ وَلَهُمَا مَالٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَتْلَفَا وَمَا صَانَاهُ مِنْ مَالِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ لِأَنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَلَوْ كَانَ إتْلَافُهُ لَهُ بِأَكْلِهِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ) أَيْ صَانَهُ فَإِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَبَاعَ مَا أَمِنَ عَلَيْهِ وَصَارَ يَتَغَذَّى كُلَّ يَوْمٍ بِخَمْسَةِ أَنْصَافٍ فَلَا يَضْمَنُ فِي مَالِهِ إلَّا النِّصْفَ الْفِضَّةَ لَا مَا زَادَ اهـ.
وَقَوْلُهُ إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَهُ وَمَا صَانَهُ مِنْ مَالِهِ فَإِذَا كَانَ مَا صَانَهُ أَقَلَّ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ضَمِنَهُ وَإِذَا كَانَ مَا صَرَفَهُ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ أَقَلَّ لَزِمَهُ الْقَدْرُ الَّذِي صَرَفَهُ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ.
(تَنْبِيهٌ) عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا لَوْ أَوْدَعَ الْمُمَيِّزُ شَيْئًا عِنْدَ آخَرَ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ.
(قَوْلُهُ: يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ بِمَا صَانَ بِهِ مَالَهُ (قَوْلُهُ إنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ وَدِيَةُ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى عُضْوٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ إذَا كَانَتْ دِيَةُ ذَلِكَ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَفِي مَالِهِ فَهُوَ كَالْمُمَيِّزِ فِي ذَلِكَ اهـ وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ بَلْ وَلَا التَّمْيِيزُ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ) أَيْ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
. (قَوْلُهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ فِي حَالِ مَرَضِهِ.
(قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ مُطْلَقُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الشَّامِلُ لِلسَّفِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي جَمِيعِ إلَخْ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ خُصُوصُ الصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ) أَيْ الْمُمَيِّزُ وَالسَّفِيهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَنْ ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَتَنَاقَضَ) أَيْ فِيهَا فَمَتَى لَمْ يَتَنَاقَضْ فِيهَا كَانَتْ صَحِيحَةً سَوَاءٌ كَانَ لِفَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ كَانَ الْمُوصَى لَهُ صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا إمَّا إنْ تَنَاقَضَ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارَيْنِ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ فَقِيرًا.
(قَوْلُهُ: بِقُرْبَةٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِغَيْرِهَا كَإِيصَائِهِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ كَانَتْ بَاطِلَةً.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ.
(قَوْلُهُ: إلَى حِفْظِ) أَيْ مَعَ حِفْظِ إلَخْ أَيْ مَعَ صَيْرُورَةِ ذِي الْأَبِ حَافِظًا لِمَالِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ لِبُلُوغِهِ فَقَطْ ذَكَرَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ يَكُونُ لِبُلُوغِهِ مَعَ صَيْرُورَتِهِ حَافِظًا لِمَالِهِ بَعْدَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ ذَا أَبٍ أَوْ مَعَ فَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمُ إنْ كَانَ ذَا وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٌ فَذُو الْأَبِ بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَتِهِ حَافِظًا لِلْمَالِ بَعْدَ بُلُوغِهِ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ يُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا حَجَرَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْوَانُ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ إلَّا لِفَكِّ الْأَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ الْأَصْلُ أَيْ وَالْوَصِيُّ فَرْعٌ أَيْ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ حَجْرُ الْأَبِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ وَحِينَئِذٍ