عَنْهُ فِي الْفَلَسِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ (مَسْكُوكًا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عُرِفَ بِطَبْعٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (وَ) لَوْ كَانَ عَيْنُ مَالِهِ رَقِيقًا (آبِقًا) فَلِرَبِّهِ الرِّضَا بِهِ إنْ وَجَدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ (وَ) إذَا رَضِيَ بِهِ (لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ) وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلِلرُّجُوعِ فِي عَيْنِ مَالِهِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ) بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، فَإِنْ فَدَوْهُ (وَلَوْ بِمَالِهِمْ) وَأَوْلَى بِمَالِ الْمُفَلَّسِ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ أَعْطَوْهُ حَمِيلًا ثِقَةً لَمْ يَأْخُذْهُ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) أَخْذُهُ (لَا) إنْ لَمْ يُمْكِنْ نَحْوُ (بُضْعٍ) فَالزَّوْجَةُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا الْمُحَاصَّةُ بِصَدَاقِهَا إذَا فَلِسَ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْهُ مِنْهُ إذْ لَا يُمْكِنُ رُجُوعُهَا فِي الْبُضْعِ وَلَهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ فَتُحَاصِصُ بِنِصْفِهِ (وَعِصْمَةٍ) كَمَنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مَالٍ تَدْفَعُهُ لَهُ فَخَالَعَهَا فَفَلَّسَتْ فَيُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ (وَ) لَا فِي (قِصَاصٍ) صُولِحَ فِيهِ بِمَالٍ، ثُمَّ فَلِسَ الْجَانِي لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ شَرْعًا فِي الْقِصَاصِ بَعْدَ الْعَفْوِ، وَفِي جَعْلِ مَا لَا يُمْكِنُ شَرْطًا نَظَرٌ إذْ لَا يُخَاطَبُ الْمُكَلَّفُ إلَّا بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَنْتَقِلْ) عَيْنُ مَالِهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ، فَإِنْ انْتَقَلَ فَالْحِصَاصُ (لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةَ) فَلَا رُجُوعَ وَأَوْلَى لَوْ عُجِنَتْ أَوْ بُذِرَتْ (أَوْ خُلِطَ) عَيْنُ مَالِهِ (بِغَيْرِ مِثْلٍ) وَلَمْ يَتَيَسَّرْ تَمْيِيزُهُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِزَيْتٍ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ أَوْ بِسَمْنٍ أَوْ بِمُسَوَّسٍ، وَأَمَّا خَلْطُهُ بِمِثْلِيٍّ فَغَيْرُ مُفَوِّتٍ (أَوْ سُمِّنِ زُبْدُهُ أَوْ فَصَلَ ثَوْبُهُ) أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا وَلَوْ قَالَ أَوْ فُصِّلَ شَيْؤُهُ لَشَمِلَ مَسْأَلَةَ الْجِلْدِ وَغَيْرَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ دَبْغِ الْجِلْدِ وَصَبْغِ الثَّوْبِ أَوْ نَسْجِ الْغَزْلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَوْتِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ غَيْرُ الْمَحُوزِ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ، وَأَمَّا الْمَحُوزُ فَرَبُّهُ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَحُوزًا أَوْ غَيْرَ مَحُوزٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَبُّهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَسْكُوكًا) أَيْ دَفَعَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَفُلِّسَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَعُرِفَ ذَلِكَ الْمَسْكُوكُ عِنْدَهُ بِطَبْعٍ عَلَيْهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَازَمَتْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مِنْ وَقْتِ قَبْضِهَا لِوَقْتِ تَفْلِيسِهِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ لَا يَرْجِعُ الْمُسْلِمُ فِي عَيْنِ دَرَاهِمِهِ الْمَسْكُوكَةِ بَلْ يُحَاصِصُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْأَحَادِيثِ مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، وَالنَّقْدَانِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ اهـ وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثْمَنِ (قَوْلُهُ وَآبِقًا) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ الْآبِقِ بِأَنْ يَتَّفِقَ الْبَائِعُ مَعَ الْغُرَمَاءِ عَلَى أَخْذِهِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ وَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِبَائِعِ الْعَبْدِ إذَا أَبَقَ أَنْ يَرْضَى بِالْمُحَاصَّةِ وَلَا يَطْلُبُ الْعَبْدَ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ وَإِذَا رَضِيَ بِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لَا يَجُوزُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ الرِّضَا بِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَاصِصَ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَرَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَجِدْهُ رَجَعَ لِلْحِصَاصِ وَلَا عِبْرَةَ بِاتِّفَاقِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ، وَهَذَا الْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ أَخْذَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ ابْتِدَاءٌ، فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بِمَالِ الْمُفَلَّسِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا كَانَ الْفِدَاءُ بِمَالِ الْمُفَلَّسِ الْمَخْلُوعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ) أَيْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ قَوْلِهِ سَابِقًا مَالَهُ بِفَتْحِ اللَّامِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ إلَّا مُمْكِنَ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّيْءِ الَّذِي ثَبَتَ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ تَارَةً يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ وَتَارَةً لَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ فَالزَّوْجَةُ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ إذَا فُلِّسَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قُبِضَ وَحِيزَ قَبْلَ الْفَلَسِ وَالزَّوْجُ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَبْضٌ لِلْبُضْعِ قَبْلَ الْفَلَسِ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ بِالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ بِنِصْفِهِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ يُكْمِلُهُ أَوْ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْ وَلَهَا الرِّضَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ وَحِينَئِذٍ فَتُحَاصِصُ بِجَمِيعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ وَتُحَاصِصُ بِنِصْفِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَالدُّخُولُ يُكَمِّلُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ فُلِّسَ الْجَانِي) أَيْ فَيُحَاصِصُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَرَثَةُ غُرَمَاءِ الْجَانِي بِمَا صَالَحَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِ مَا لَا يُمْكِنُ شَرْطًا إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا لِأَخْذِ الْغَرِيمِ عَيْنَ شَيْئِهِ إمْكَانُ اسْتِيفَائِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَمْ يُجْعَلْ عَدَمُ الْإِمْكَانِ شَرْطًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةَ) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَيْ وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ عَطَفَ بِلَا بَعْدَ النَّفْيِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُعْطَفُ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الطَّحْنُ هُنَا نَاقِلًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ هُنَا عَنْ الْعَيْنِ وَهُوَ يَكُونُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَالنَّقْلُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجِنْسِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِأَقْوَى شَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ هُنَاكَ عَدَمُهُ هُنَا وَلَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِمُسَوَّسٍ) أَيْ أَوْ خَلْطِ قَمْحٍ جَيِّدٍ بِمُسَوَّسٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَّعَ الْجِلْدَ نِعَالًا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015