(فَإِنْ) كَانَ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ رُطَبًا لَا بُسْرًا وَ (شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (تَتَمُّرَ الرُّطَبِ) شَرْطًا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ أَيَّامًا يَصِيرُ فِيهَا تَمْرًا (مَضَى بِقَبْضِهِ) وَلَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمِثْلُهُ إذَا يَبِسَ قَبْلَ اطِّلَاعٍ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ بِقَبْضِهِ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فُسِخَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَهَلْ الْمُزْهِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ مَا لَمْ يَرْطُبْ فَيَشْمَلُ الْبُسْرَ إنْ شَرَطَ تَتَمُّرَهُ (كَذَلِكَ) يُمْضَى بِقَبْضِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) وَصُوِّبَ (أَوْ) هُوَ (كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) بِفَسْخٍ وَلَوْ قَبَضَ مَا لَمْ يَفُتْ (تَأْوِيلَانِ)
وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي تَمْرِ الْحَائِطِ بَيْعًا لَا سَلَمًا حَقِيقَةً وَبَيْعُ الْمِثْلِيِّ الْمُعَيَّنِ يُفْسَخُ بِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ انْقَطَعَ) ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أُسْلِمَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ بِجَائِحَةٍ أَوْ تَعَيُّبٍ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ لَزِمَهُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَ (رَجَعَ) الْمُسْلِمُ (بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ السَّلَمِ عَاجِلًا اتِّفَاقًا وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ وَلَوْ طَعَامًا (وَهَلْ) يَرْجِعُ (عَلَى) حَسَبِ (الْقِيمَةِ) فَيُنْظَرُ لِقِيمَةِ كُلٍّ مِمَّا قُبِضَ وَمِمَّا لَمْ يُقْبَضْ فِي وَقْتِهِ وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا أَسْلَمَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ وَسْقًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْتَادِ فِيهِ فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الرُّطَبِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ وَكَانَ بَلَحُهَا حِينَ الْعَقْدِ رُطَبًا وَاشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَقَاءَ ذَلِكَ الرُّطَبِ عَلَى أُصُولِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَلِقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ فِيهِ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ التَّتَمُّرِ أَوْ قَبْلَهُ مَضَى الْعَقْدُ وَلَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ) أَيْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ) أَيْ قَالَ هَذَا التَّعْلِيلَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ وَقَبْلَ الْيُبْسِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُزْهِي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْكَيْلِ مِنْ ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُزْهٍ أَيْ أَحْمَرُ أَوْ أَصْفَرُ وَشَرَطَ الْمُشْتَرِي بَقَاءَهُ عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ اشْتِرَاطِ تَتَمُّرِ الرُّطَبِ فَيَمْضِي بِقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّتَمُّرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الشُّيُوخِ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَوْ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُفْسَخُ وَلَوْ قُبِضَ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمِثْلِ إنْ عُلِمَتْ مَكِيلَتُهُ وَإِلَّا فَبِالْقِيمَةِ وَهَذَا رَأْيُ ابْنُ شَبْلُونَ (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يُزْهِيَ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَزْهُوَ يُقَالُ زَهَا النَّخْلُ يَزْهُو إذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ وَأَزْهَى يُزْهِي إذَا احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يَزْهُو وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يُزْهِي اهـ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمُّ مِيمِ الْمُزْهِي لِأَنَّهُ مِنْ أَزْهَى وَفَتْحِهَا لِأَنَّهُ مِنْ زَهَا خِلَافًا لِمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ وَلِمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الضَّمِّ كَالشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ) أَيْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ
(قَوْلُهُ أَوْ عَدَمِهِ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ وَمِثْلُهُ ثَمَرُ الْقَرْيَةِ الْغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ وَسَوَاءٌ كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِجَائِحَةٍ أَيْ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ قَالَ طفي تَعْبِيرُهُ بِالِانْقِطَاعِ كَالْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي انْقِطَاعِ إبَّانِهِ وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الْكُلِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْمُعَيَّنَاتِ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ لِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَيْسَ مِنْ السَّلَمِ فِي شَيْءٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَبَضَ بَعْضَ سَلَمِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ لَزِمَهُ مَا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْمَضْمُونِ إذَا انْقَطَعَ إبَّانُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ هَذَا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ وَأَمَّا بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَهْمٌ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْمَضْمُونِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الْقَرْيَةُ الْمَأْمُونَةُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ عَاجِلًا اتِّفَاقًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَعْجِيلَ الرُّجُوعِ بِمَا بَقِيَ وَاجِبٌ وَأَنَّهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا بِالْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ تَعْجِيلَهُ يَقْضِي لَهُ بِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ عَاجِلًا وَيَنْتَظِرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ حَصَلَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ قُبِضَ بَعْضُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ إنَّمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ جَازَ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنِ كَذَا فِي خش (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ) أَيْ بَدَلِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ عَاجِلًا وَلَا يُؤَخَّرُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَدَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ مَا يَأْخُذُهُ بَدَلًا عَنْ ثَمَنِ مَا بَقِيَ لَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ وَلَوْ طَعَامًا لَا يُقَالُ