وَكَبِيرِهِ بِبُلُوغِ سِنِّ التَّكَسُّبِ بِالْعَمَلِ وَالتَّجْرِ وَهُوَ عِنْدِي بُلُوغُ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ الِاحْتِلَامُ انْتَهَى ثُمَّ عُطِفَ عَلَى كَفَارَّةِ قَوْلُهُ (وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي) جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ (غَيْرِهِ) قِصَارٍ رِقَاقٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ قَدْ يُصْنَعُ مِنْهُ صِغَارٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِذْعِ الْمَخْلُوقِ لَا الْمَنْجُورِ الْمَنْحُوتِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى جَائِزَةً لَا جِذْعًا فَالْكَبِيرُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ جُذُوعٌ بَلْ جَوَائِزُ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَبِيرٍ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ الصَّغِيرُ إلَّا بِفَسَادٍ لَا يَقْصِدُهُ الْعُقَلَاءُ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبِيرِ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ كَنَخْلٍ فِي صَنَوْبَرٍ وَهَذَا الْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَكَسَيْفِ قَاطِعٍ) جَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فَيَجُوزُ (فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ) فِيهِمَا مَعًا لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ (وَكَالْجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) بَيْنَهُمَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ (كَرَقِيقِ) ثِيَابِ (الْقُطْنِ وَ) رَقِيقِ ثِيَابِ (الْكَتَّانِ) فَأَوْلَى غَلِيظُهُمَا أَوْ غَلِيظُ أَحَدِهِمَا فِي رَقِيقِ الْآخَرِ (لَا جَمَلٌ) مَثَلًا أَوْ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ (فِي جَمَلَيْنِ) أَيْ فِي مُتَعَدِّدٍ (مِثْلِهِ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِجَمَلَيْنِ (عُجِّلَ أَحَدُهُمَا) وَأُخِّرَ الْآخَرُ لِأَجْلِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُعَجَّلُ زِيَادَةٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ وَأَمَّا سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا بِشَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ طُولِ الْأَجَلِ جِدًّا بِحَيْثُ يُؤَدِّي لِلْمُزَابَنَةِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ) أَيْ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَمِثْلُ مَا لِلشَّارِحِ لخش وشب قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لَهُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ عِنْدَ فَارَّةِ الْحُمُرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْضَ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَنْفَعَةِ فِي بَعْضٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ وَالشَّارِحُ قَدْ مَشَى فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ وَمَشَى هُنَا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ طُولٌ وَلَا غِلَظٌ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) حَيْثُ اكْتَفَى بِالْغِلَظِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ يَقُولُ إنْ وُجِدَا مَعًا جَازَ وَإِنْ وُجِدَ الطُّولُ فَقَطْ مُنِعَ وَإِنْ وُجِدَ الْغِلَظُ فَقَطْ جَازَ فَالْمَدَارُ فِي الْجَوَازِ عِنْدَهُ عَلَى الْغِلَظِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغِلَظِ وَالطُّولِ أَنَّ الْغِلَظَ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ إخْرَاجُ جُذُوعٍ مِنْ الْجِذْعِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الطُّولِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَهُ بِسُهُولَةٍ كَقَطْعِهِ قِطَعًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ) أَيْ وَهُوَ الطَّوِيلُ الْغَلِيظُ الْمُسْلَمُ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْغَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ جُذُوعٌ مُغَايِرَةٌ لِلطَّوِيلِ الْغَلِيظِ فِي وَصْفَيْهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ جُذُوعًا إذَا كَانَتْ خِلْقَةً لَيْسَ فِيهَا نَجْرٌ وَلَا نَحْتٌ وَإِلَّا كَانَتْ جَوَائِزَ لَا جُذُوعًا فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جَوَائِزَ مُنِعَ السَّلَمُ (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَشَبُ أَنْوَاعًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْكِبَرُ وَلَا الصِّغَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكَلَامِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) مُقَابِلُهُ أَنَّ الْخَشَبَ كُلَّهُ جِنْسٌ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ مَا لَمْ تَخْتَلِفْ مَنْفَعَتُهُ كَالْأَلْوَاحِ لِلْأَبْوَابِ وَالْجَوَائِزِ لِلسَّقْفِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دُونَهُ فِيهِمَا) أَيْ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مَعًا وَإِنَّمَا جَازَ لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لَا فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ إنْ كَانَ السَّيْفَانِ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ أَوْ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّبَاعُدِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا مَعَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَلَمُ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي سَيْفَيْنِ مَنْعُ سَلَمِ سَيْفٍ قَاطِعٍ جَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فِي سَيْفٍ وَاحِدٍ دُونَهُ فِيهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَارَّةِ الْحُمُرِ.
(قَوْلُهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ) لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْطَفُ هَذَا عَلَيْهِ إلَّا قَوْلُهُ كَفَارَّةِ الْحُمُرِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفَارَّةِ الْحُمُرِ مِثَالٌ لِلْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ فَلَا يَصِحُّ انْدِرَاجُ هَذَا فِيهِ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ مِنْ هُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَافِ كَانَ أَوْلَى قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُقْحَمَتَانِ بَيْنَ نَظَائِرَ مِنْ نَمَطٍ وَاحِدٍ اهـ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ وَكَالْجِنْسَيْنِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ لَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْجِنْسَانِ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) أَيْ بِخِلَافِ مُتَّحِدِ الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا مَرَّ كَسَلَمِ غَلِيظِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي رَقِيقِهَا وَرَقِيقِ غَزْلٍ فِي غَلِيظِهِ وَعَكْسِهِ وَأَمَّا سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي غَلِيظِ مِثْلِهَا أَوْ رَقِيقِهَا فِي مِثْلِهِ فَالْمَنْعُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ.
(قَوْلُهُ فَأَوْلَى إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ اخْتِلَافُهُمَا بِالْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا زِيَادَةً عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ (قَوْلُهُ مِثْلِهِ) أَيْ فِي الصِّفَةِ أَعْنِي السَّبْقَ وَالْقُوَّةَ عَلَى الْحَمْلِ (قَوْلُهُ صِفَةً لِجَمَلَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ مِثْلَ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْإِبْهَامِ فَهِيَ نَكِرَةٌ كَمَوْصُوفِهَا وَشِدَّةِ إبْهَامِهَا وَتَوَغُّلِهَا فِيهِ مَنَعَ تَثْنِيَتَهَا بِدَلِيلِ الزَّيْدَانِ أَوْ الزَّيْدُونِ مِثْلِ عَمْرٍو (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ