(الْجَانِيَ) عَلَى الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ فِي هَذِهِ وَعَلَى الْعَرْضِ فِي السَّابِقَةِ وَهُوَ إمَّا الْمُسْلِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ وَإِمَّا الْأَجْنَبِيُّ حَيْثُ اعْتَرَفَ بِالتَّلَفِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَقَوْلُهُ يَتْبَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ

(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ مَا اشْتَمَلَ عَلَى نَفْيِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (أَنْ لَا يَكُونَا) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ (طَعَامَيْنِ) لَا نَحْوُ سَمْنٍ فِي بُرٍّ (وَلَا نَقْدَيْنِ) لَا ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ ذَهَبٍ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِي فِضَّةٍ (وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ) كَثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ (أَوْ) فِي (أَجْوَدَ) مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ (كَالْعَكْسِ) وَهُوَ سَلَمُ شَيْءٍ فِي أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) فِي أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَيَصِيرُ كَالْجِنْسَيْنِ فَيُسْلَمُ الْبَعْضُ مِنْهُ فِي أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ (كَفَارَّةِ الْحُمُرِ) جَمْعُ حِمَارٍ أَيْ سَرِيعِ السَّيْرِ مِنْهَا (فِي) الْحُمُرِ (الْأَعْرَابِيَّةِ) الْمُتَعَدِّدَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِفِعْلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لَكِنْ إنْ هَدَمَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَكَذَا إذَا هَدَمَ أَوْ أَبَقَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ هَدَمَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ الْمُسْلِمُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ إسْلَامُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَالْمُرَادُ بِالسَّابِقَةِ مَا إذَا أَسْلَمَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَانِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَمَّا الْمُسْلِمُ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِإِتْلَافِهِ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ وَهَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا نَكَلَ الْمُسْلِمُ عَنْ الْيَمِينِ وَاخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَقَاءَ السَّلَمِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ وَفُسِخَ السَّلَمُ فَلَا يُعْقَلُ رُجُوعُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ الْجَانِي وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ أَمَّا الْمُسْلِمُ وَذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ كَانَ أَوْلَى وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْحَيَوَانَ أَوْ الْعَقَارَ إذَا تُرِكَ هَمَلًا عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَوْ وَدِيعَةً أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَانْفَلَتَ الْحَيَوَانُ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِنَفْسِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ مِثْلُ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا، فَإِنْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ أَوْ أَفْلَتَ الْحَيَوَانُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْمُسْلِمِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْجَانِي وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ أَوْ الْعَقَارُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ عَارِيَّةً ثُمَّ إنَّهُ تَلِفَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى إتْلَافِ أَحَدٍ لَهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ وَلَيْسَ كَالْعَرْضِ فِي أَنَّ السَّلَمَ يُنْقَضُ إنْ حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ وَالْعَقَارَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ تُهْمَةِ إخْفَائِهِ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ بِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ كَالْعَرْضِ وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِ الْمُسْلَمِ لَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ مِنْهُ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَلَيْسَ لِلْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ حَالَةٌ يُخَيَّرُ فِيهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ كَالْعَرْضِ كَمَا أَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا حَالَةٌ يَتَعَيَّنُ فِيهَا نَقْضُ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْعَرْضِ

(قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِآخَرَ أُسْلِمُك إرْدَبَّ قَمْحٍ فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ فُولٍ وَلَا يَجُوزُ أُسْلِمُك دِينَارًا فِي دِينَارٍ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ أَوْ السَّلَفِ جَازَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُلُوسَ الْجُدُدَ هُنَا كَالْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَا طَعَامَيْنِ أَوْ نَقْدَيْنِ لِأَدَائِهِ لِرِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِأَدَائِهِ لِرِبَا النَّسَاءِ عِنْدَ تَمَاثُلِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ تَسَاوَى رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ أَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ هَذَا فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ وَالنَّقْدَيْنِ اهـ بْن وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ جَوَازُ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ كَقِنْطَارٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَبْيَضَ فِي مِثْلِهِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْئًا) أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ شَيْئًا أَسْلَمَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ) أَيْ وَكَسَلَمِ قِنْطَارٍ كَتَّانًا فِي قِنْطَارَيْنِ وَكَإِرْدَبِّ جِبْسٍ فِي إرْدَبَّيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ) كَثَوْبِ رَدِيءٍ فِي جَيِّدٍ وَكَقِنْطَارٍ كَتَّانًا أَبْيَضَ فِي قِنْطَارٍ مِنْ كَتَّانٍ أَسْوَدَ لِأَنَّ الْأَبْيَضَ أَجْوَدُ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ مِنْ تُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَإِذَا أَسْلَمْت ثَوْبَيْنِ فِي ثَوْبٍ فَكَأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ضَمِنَ لِلْمُسْلِمِ ثَوْبًا مِنْهُمَا لِلْأَجَلِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ الْآخَرَ فِي نَظِيرِ ضَمَانِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا هُنَا وَأَلْغَوْهَا فِي بُيُوعِ الْآجَالِ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ هُنَاكَ أَضْعَفَهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَوْجُهٍ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ وَالْمُسْلَمَ فِيهِ إمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا جِنْسًا وَمَنْفَعَةً مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْجَوَازِ كَسَلَمِ الْعَيْنِ فِي الطَّعَامِ وَالطَّعَامِ فِي الْحَيَوَانِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْمَنْعِ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ الثَّمَنُ فِي مِثْلِهِ فَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ الْجِنْسُ وَتَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ الْمَنْفَعَةُ وَيَخْتَلِفَ الْجِنْسُ كَالْبِغَالِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْ الْخَيْلِ وَفِيهِ قَوْلَانِ فَمَنْ مَنَعَ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَمَنْ أَجَازَ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ الْمُتَعَدِّدَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَلَمِ الْحِمَارِ السَّرِيعِ الْمَشْيِ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ سَرِيعٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015