(كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) لِفَسَادِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ حَقِيقَتُهَا أَيْ الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ فَإِنْ أُرِيدَ الْمَدِينَةُ الْمُعَيَّنَةُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) الْعَقْدُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِالْفُسْطَاطِ) وَهِيَ مِصْرُ الْقَدِيمَةُ (وَقَضَى) الْوَفَاءَ (بِسُوقِهَا) أَيْ سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ إنْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ (وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا) إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ فَيَعْمَلُ بِهِ
(دَرْسٌ) {بَابٌ} ذُكِرَ فِيهِ السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (شَرْطُ) صِحَّةِ عَقْدِ (السَّلَمِ) وَهُوَ بَيْعٌ يَتَقَدَّمُ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ وَيَتَأَخَّرُ الْمُثَمَّنُ لِأَجَلٍ وَهِيَ سَبْعَةٌ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ أَوَّلُهَا (قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ) وَرَأْسُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَلَمَّا كَانَ مَا يُعَجَّلُ أَصْلًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ سُمِّيَ رَأْسَ الْمَالِ فَالْمُرَادُ بِالْمَالِ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَرَأْسُهُ الْمُسْلَمُ (أَوْ تَأْخِيرُهُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (وَلَوْ بِشَرْطٍ) لِخِفَّةِ الْأَمْرِ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَجَلُ السَّلَمِ كَيَوْمَيْنِ وَذَلِكَ فِيمَا شُرِطَ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَضَ بِالْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْمُضِرُّ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ فِي حُكْمِ النَّقْدِ وَلَا يُؤَخَّرُ بِشَرْطٍ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ انْتَهَى (وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى الثَّلَاثَةِ بِلَا شَرْطٍ (إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا) بِأَنْ لَا يَحِلَّ أَجَلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَدَمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ حُكِمَ بِهِ (قَوْلُهُ كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَقْبِضُ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي مِصْرَ وَأُرِيدَ بِهَا الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ لِلْجَهْلِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ السَّلَمُ (قَوْلُهُ أَيْ الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ) وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ أُسْوَانَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَعَرْضُهُ مِنْ عُقْبَةَ أيلة لِبَرْقَةَ (قَوْلُهُ بِالْفُسْطَاطِ) أَيْ أَوْ بِمِصْرَ الْقَاهِرَةِ لِعَدَمِ الْجَهْلِ وَالْفُسْطَاطُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَسُمِّيَتْ مِصْرُ الْقَدِيمَةُ بِذَلِكَ لِضَرْبِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِهَا فُسْطَاطَه أَيْ خَيْمَتَهُ حِينَ فَتَحَهَا وَأَرْسَلَ يَسْتَشِيرُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي سُكْنَاهُ بِهَا أَوْ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة لِأَنَّهَا دَارُ الْمُلْكِ إذْ ذَاكَ فَقَالَ عُمَرُ لِلرَّسُولِ أَيُّهُمَا تَبْلُغُهُ رَاحِلَتِي فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتُ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَصِلُ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة إلَّا فِي السُّفُنِ وَتَصِلُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتَ فَقَالَ عُمَرُ لَا يَسْكُنُ أَمِيرِي حَيْثُ لَا تَصِلُ إلَيْهِ رَاحِلَتِي قُلْ لَهُ يَسْكُنْ حَيْثُ هُوَ نَازِلٌ (قَوْلُهُ وَقَضَى بِسَوْقِهَا) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ قَبْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالْفُسْطَاطِ كَانَ جَائِزًا فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْ الْفُسْطَاطِ قُضِيَ بِالْقَبْضِ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ الْفُسْطَاطِ إنْ كَانَ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ بِالْفُسْطَاطِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْبَلَدِ كَانَ مُرْتَبِطًا بِمَا قَبْلَهُ خَاصًّا بِهِ أَيْ وَقَضَى بِسُوقِ الْبَلَدِ الْمُعَدِّ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلسِّلْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَانَ عَامًّا لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا أَكْرَيْت حَمَّارًا عَلَى حَمْلِ إرْدَبٍّ مَثَلًا لِلْفُسْطَاطِ فَيَلْزَمُ الْحَمَّارَ حَمْلُهُ عَلَى حِمَارِهِ لِسُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا أَيْ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ قَضَاهُ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِالْقَضَاءِ بِمَحَلٍّ خَاصٍّ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ
{بَابُ السَّلَمِ}
(قَوْلُهُ وَهِيَ سَبْعَةٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَرْطُ السَّلَمِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ جَمِيعَ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ قَبْضُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَإِنَّمَا أُكِّدَ بِكُلِّهِ لِفَسَادِ جَمِيعِهِ بِتَأْخِيرِ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ أَصْلًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْلَا هُوَ مَا حَصَلَ وَقَوْلُهُ سُمِّيَ أَيْ ذَلِكَ الْمُعَجَّلُ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْمَالِ) أَيْ الْمُضَافُ إلَيْهِ رَأْسُ (قَوْلُهُ أَوْ تَأْخِيرُهُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَأْخِيرُهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهَا بِشَرْطٍ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ بِفَسَادِ السَّلَمِ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ لِظُهُورِ قَصْدِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ الشَّرْطِ وَعَدَمِ قَصْدِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) أَيْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَعْنِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا شَرْطُ السَّلَمِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا صَحِيحٌ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَيْ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا الْقَبْضُ أَوْ التَّأْخِيرُ ثَلَاثًا فَدُونَ فَإِنْ فُقِدَا بِأَنْ تَأَخَّرَا أَكْثَرَ فُقِدَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقْبَضَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُؤَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ مُعَجَّلًا إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطِيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَفِي فَسَادِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَسَدَ السَّلَمُ اتِّفَاقًا كَانَ