وَبِعِطْفِ " غَلَبَةً " عَلَى " قَرِيبًا " يَكُونُ فِي كَلَامِهِ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ حَالَ الْغَلَبَةِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَعْنِي اخْتِيَارًا، فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ حَالَ الْبُعْدِ.

وَعُطِفَ عَلَى قَرِيبًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَوْ عُقِدَ وَوُكِّلَ فِي الْقَبْضِ) أَيْ وَبَطَلَ الصَّرْفُ إنْ تَوَلَّى الْقَبْضَ غَيْرُ عَاقِدِهِ وَكَالَةً عَنْهُ، وَلَوْ شَرِيكَهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَرْجَحِ.

(أَوْ) وَلَوْ (غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) عَنْ الْمَجْلِس (وَطَالَ) بِلَا فُرْقَةٍ بِبَدَنٍ فَيَفْسُدُ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ أَوْ حَلَّ صُرَّتَهُ أَوْ فَتَحَ صُنْدُوقَهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ كَثِيرٍ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ ضُرَّ، وَلَوْ قَرِيبًا كَمَا مَرَّ.

(أَوْ) غَابَ (نَقْدَاهُمَا) مَعًا عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا فُرْقَةُ بَدَنٍ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (بِمُوَاعَدَةٍ) أَيْ بِسَبَبِهَا بِأَنْ جَعَلَاهَا عَقْدًا لَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ لِنَقْدِ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَزْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا أَخَذْت مِنْك كَذَا، وَكَذَا بِدِينَارٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: نَعَمْ قَالَ فِيهَا وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ انْتَهَى أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمُوَاعَدَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ لِلصَّرْفِ فَيَذْهَبُ مَعَهُ الْآخَرُ ثُمَّ يُجَدِّدَانِ عَقْدًا بَعْدَ النَّقْدِ فَهَذَا جَائِزٌ

(أَوْ) كَانَ الصَّرْفُ (بِدَيْنٍ) بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَيَسْقُطُ الدَّرَاهِمُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالْمَنْعِ (إنْ تَأَجَّلَ) مِنْهُمَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّأْجِيلُ (مِنْ أَحَدِهِمَا) وَمِنْ الْآخَرِ حَالٌّ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ أَخَذَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي نَظِيرِ الدَّرَاهِمِ الْمَتْرُوكَةِ لِصَاحِبِهِ، وَكَذَا الْآخَرُ فَالْقَبْضُ إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَعَقْدُ الصَّرْفِ قَدْ تَقَدَّمَ فَقَدْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي قُرْبِ التَّأْخِيرِ وَبُعْدَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَبَطَلَ الصَّرْفُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ مَظِنَّةَ التَّأْخِيرِ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّرْفِ إنْ تَوَلَّى الْقَبْضَ غَيْرُ عَاقِدِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَقَدَ إلَخْ وَاقِعٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى، وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ قَرِيبًا، وَلَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرِيكَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا أَوْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ شَرِيكًا، وَلَوْ فِي غِيبَةِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ قِيلَ إنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ فِي غِيبَتِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ شَرِيكًا فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ قَبَضَ فِي غِيبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَرِيكٍ ضَرَّ إنْ قَبَضَ فِي غِيبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ قَبَضَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا يَضُرُّ وَقِيلَ: إنْ قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ قَبَضَ فِي غِيبَتِهِ ضَرَّ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ فِي الْمُصَنِّفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِلَا فُرْقَةَ بَدَنٍ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ هُنَا وَطَالَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَوْ قَرِيبًا تَنَاقَضَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا هُنَا لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ قَرِيبًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ تَفَرُّقٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَسَلَّفَ هَذَا الدِّينَارَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ، وَأَمَّا لَوْ حَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا صُرَّتَهُ فَلَا مَنْعَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غَابَ نَقْدَاهُمَا هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ أَيْ عَلَى اسْتِحْدَاثِ شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي أَوْ بِدَيْنٍ فَهِيَ مَسْأَلَةُ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ صَرْفُ مَا هُوَ مُتَقَرِّرٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ، فَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُنِعَ الصَّرْفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرْفَ عَلَى الذِّمَّةِ لَمْ تَكُنْ الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بِشَيْءٍ قَبْلَ الصَّرْفِ وَالصَّرْفُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ شُغْلَهَا بِخِلَافِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ مَشْغُولَةٌ فِيهِ قَبْلَ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ نَعَمْ) أَيْ وَيَجْعَلَا ذَلِكَ الْقَوْلَ نَفْسَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ) أَيْ وَلَكِنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِلصَّرْفِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ أَصْرِفَ مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ وَقَوْلُهُ: فَيَذْهَبُ مَعَهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ كَذَا فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ دِينَارٍ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُجَدِّدَانِ عَقْدًا بَعْدَ النَّقْدِ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِمَا لِلسُّوقِ وَنَقْدِهِمَا لِلدَّنَانِيرِ يُجَدِّدَانِ عَقْدَ الصَّرْفِ بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ دِينَارٍ صَرَفَهُ، كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ

(قَوْلُهُ: إنْ تَأَجَّلَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: اقْتَضَى) أَيْ قَبَضَ وَأَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِاقْتَضَى أَيْ أَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَا أَسَلَفَهُ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ أَخَذَهُ مِنْ نَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: الْمَتْرُوكَةُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الَّتِي تَرَكَهَا لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْآخَرُ) أَيْ الَّذِي لَهُ الدَّرَاهِمُ كَأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ الدَّرَاهِمَ فِي نَظِيرِ الدِّينَارِ الَّذِي تَرَكَهُ لِصَاحِبِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ الدِّينَارُ حِينَ تَصَارَفَا قَدْ عَجَّلَ الدِّينَارَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَسَلَّفَهُ لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْأَجَلُ يَصْرِفُهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَظَهَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015