وَلَوْ بِلَا وَصْفِهِ غَيْرَ بَائِعِهِ أَيْ بِأَنْ وَصَفَهُ بَائِعُهُ.
وَشَرْطُ مَا بِيعَ غَائِبًا عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفٍ أَمْرَانِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) جِدًّا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَوْ يُظَنُّ أَنَّ الْمَبِيعَ يُدْرَكُ عَلَى مَا وُصِفَ، فَإِنْ بَعُدَ جِدًّا (كَخُرَاسَانَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ) مِنْ كُلِّ مَا يُظَنُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لَمْ يَجُزْ وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا عَلَى اللُّزُومِ أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ.
وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ أُمْكِنَتْ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ أُمْكِنَتْ بِدُونِهَا بِأَنْ كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الرُّؤْيَةِ إلَى الْوَصْفِ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْغَائِبِ الْمَبِيعِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ فَقَطْ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ ضَعِيفٌ.
(و) جَازَ (النَّقْدُ) تَطَوُّعًا (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ عَلَى اللُّزُومِ عَقَارًا أَوْ غَيْرِهِ لَا عَلَى الْخِيَارِ الْمُبَوَّبِ لَهُ أَوْ الِاخْتِيَارِ فَيُمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا.
وَجَازَ النَّقْدُ (مَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) الْمَبِيعِ عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفِ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَلَوْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ لَا يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا وَصْفِهِ) أَيْ وَلَوْ انْتَفَى وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ إلَخْ) تَلَخَّصَ مِنْ هُنَا وَمِمَّا مَرَّ أَنْ مَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطَانِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بَعْدَهَا أَيْ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ تَغَيُّرٌ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَهَذَا إذَا بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ قُرْبٌ وَلَا عَدَمَ تَغَيُّرٍ.
(قَوْلُهُ: أَنْ مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ سَوَاءٌ بِيعَ بِوَصْفٍ أَوْ بِلَا وَصْفٍ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ، وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ اهـ خش
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) الْمَنْفِيُّ بِلَا مَشَقَّةٍ أَيْ وَإِنْ انْتَفَى إمْكَانُ رُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَإِذَا انْتَفَى إمْكَانُ رُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ ثَبَتَ إمْكَانُهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي رُؤْيَتِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَمْكَنَتْ بِمَشَقَّةٍ) أَيْ وَذَلِكَ كَالْغَائِبِ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ ذَهَابًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ وَأَمَّا الْغَائِبُ الَّذِي بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ غَيْرَ مَوْصُوفٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ أَوْ بِيعَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ) أَيْ بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَجِدَارٍ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مَثَلًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَاضِرًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ غَائِبًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِغِيبَتِهِ غِيبَتُهُ عَنْ الْبَصَرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ ضَعِيفٌ) وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفَادَهُ النَّقْلُ وَهُوَ أَنَّ الْحَاضِرَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا لِضَرَرٍ وَغَيْرُ الْحَاضِرِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فِيهِ) إنَّمَا قَيَّدَ جَوَازَ النَّقْدِ بِالتَّطَوُّعِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَمَعَ الشَّرْطِ إلَخْ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ الْغَائِبَ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا بِشَرْطٍ وَهُوَ كَوْنُ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي عبق وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا أَوَّلًا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ بْن، فَإِنَّهُ نَازَعَ فِي كَوْنِ وَصْفِ الْبَائِعِ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا النَّقْدُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ وَأَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ غَيْرَ الْبَائِعِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهُمَا امْتَنَعَ النَّقْدُ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ عَقَارٍ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ تَقْرُبَ غِيبَتُهُ كَيَوْمَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ إذَا بِيعَ بِالْوَصْفِ غَيْرَ الْبَائِعِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ النَّقْدُ بِشَرْطِ.
(قَوْلِهِ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعُهُ بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَكِنَّ مَحَلَّ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ إنْ كَانَ الْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا عَلِمْت فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: أَوْ الِاخْتِيَارِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك سِلْعَةً مِنْ سِلْعَتِي كَذَا، الْغَائِبَتَيْنِ بِمَحَلِّ كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى الِاخْتِيَارِ أَيْ عَلَى أَنَّك تَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِمَا
(قَوْلُهُ: وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) قَيَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا إذَا بِيعَ الْعَقَارُ جُزَافًا، فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً فَلَا يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَكَذَا قَالَهُ مَالِكٌ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ وَاعْتَرَضَ طفي تَقْيِيدَ التَّوْضِيحِ قَائِلًا: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ هَذَا وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ وَلِذَا أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ جَوَازَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَلَوْ بِيعَ مُذَارَعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَضَمِنَهُ مُشْتَرٍ وَيَذْكُرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ