وَمَا بَيْنَهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ.
(أَوْ) (اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ عِنْدَ إرَادَتِهِ وَطْأَهَا تَعَدِّيًا مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا (ثُمَّ) بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَاءِ ابْنِهِ (وَطِئَهَا) الْأَبُ فَقَدْ مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، وَحَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ صَارَ فِي مَمْلُوكَةٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا، وَكَذَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا الِابْنُ فَوَطِئَهَا أَبُوهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ) أَيْضًا (عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ لِفَسَادِ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ مِلْكَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بِتَلَذُّذِهِ، وَلَوْ بِالْوَطْءِ بَلْ يَكُونُ لِلِابْنِ التَّمَاسُكُ بِهَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ) مِنْ الْأَشْيَاخِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْأَبُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ لَحُرِّمَتْ عَلَى الْأَبِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ.
(وَيُسْتَحْسَنُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِبَائِعِهَا (إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا) وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَهِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ كَانَتْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ الْمِلْكُ بَعْدَ نُزُولِ الدَّمِ يَوْمًا وَقَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَسْتَأْنِفُ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ إذَا حَصَلَ مُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا اكْتَفَتْ بِذَلِكَ وَلَا تَحْتَاجُ فِي اسْتِبْرَائِهَا لِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ وَإِذَا حَصَلَ الْمُوجِبُ بَعْدَ أَكْثَرِ حَيْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمُرَادِ بِأَكْثَرِ الْحَيْضِ هَلْ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ زَمَانًا أَوْ أَكْثَرُهُ انْدِفَاقًا، وَالْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ مَنَاسٍ فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَمَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِهِ عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ اكْتَفَتْ بِذَلِكَ الْحَيْضِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ حَصَلَ بَعْدَ أَكْثَرِهِ انْدِفَاقًا أَيْ سَيَلَانًا وَجَرْيًا، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حَصَلَ الْمُوجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ اكْتَفَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَا يَحْصُلَ بَعْدَ أَكْثَرِهِ زَمَنًا ثُمَّ إنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ قَيَّدَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَصَلَ الْمُوجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ اكْتَفَتْ بِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُوجِبُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ الْحَيْضِ يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَتْ وَلَوْ بَقِيَ أَكْثَرُ زَمَانِ الْحَيْضِ كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَمَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِ الدَّمِ عَلَيْهَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ بَعْضًا لَهُ بَالٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الِاسْتِبْرَاءِ لِتَقَدُّمِ حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ خَارِجٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ وَالتَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي تَفْسِيرِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ انْدِفَاقًا أَوْ زَمَانًا كَمَا عَلِمْت
(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا) أَيْ وَتَلَذُّذِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَوَطِئَهَا أَبُوهُ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا بِالْقِيمَةِ فَصَارَ وَطْؤُهُ فِي مَمْلُوكَةٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ ثَانِيًا مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ الْأَوَّلِ لِفَسَادِ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ أَفَادَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْأَبُ اسْتَبْرَأَهَا ابْتِدَاءً قَبْلَ وَطْئِهِ (قَوْلُهُ: لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ اسْتِبْرَاءٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ لَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا، وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ مِنْ مَاءِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ مَتَى وَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَى الِابْنِ، وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا ثُمَّ إنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ دُونَ أَبِيهِ
(قَوْلُهُ وَيُسْتَحْسَنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ الْأَمَةِ إذَا بَاعَهَا بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَعْدَ أَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا رَدَّهَا لِلْبَائِعِ فَيُسْتَحَبُّ لِلْبَائِعِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ مُخْتَارًا فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ رَدُّهَا فَهِيَ مَأْمُونَةٌ مِنْ وَطْئِهِ فَلِذَا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ لَهَا مَنْدُوبًا لَا وَاجِبًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْبَائِعِ وَرَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُسْتَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مِنْ وَطْئِهِ وَهُمْ إذَا لَمْ يُرَاعُوا الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ لَزِمَهُمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ أَمِينٍ كَالْمُودَعِ وَالْمُرْتَهِنِ ثُمَّ رُدَّتْ لِرَبِّهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَبَهْرَامَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْ مُطْلَقًا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقٌ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الِاسْتِحْبَابِ فَقِيلَ مُطْلَقٌ وَقِيلَ إنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ) الَّذِي فِي ح بَعْدَ نُقُولٍ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْبَابَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ