(كَالصَّغِيرَةِ) الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ (وَالْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ (وَنَظَرَ النِّسَاءُ) الْعَارِفَاتُ، وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ فَتَأَخَّرَ لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَفِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ لَا فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِيمَنْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَلَا فِي صَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ (فَإِنْ ارْتَبْنَ) بِجَسِّ بَطْنٍ (فَتِسْعَةُ) أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ.
(وَ) اُسْتُبْرِئَتْ الْحَامِلُ (بِالْوَضْعِ) لِجَمِيعِ حَمْلِهَا، وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ (كَالْعِدَّةِ) فَلَا يَكْفِي بَعْضُهُ وَتَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ ارْتَابَتْ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمَالِكِ (فِي زَمَنِهِ الِاسْتِمْتَاعُ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ مِنْ وَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ حَامِلًا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ، وَهِيَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ مِنْ سَيِّدِهَا فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي الْعِدَّةِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ شَرَعَ فِي مَفَاهِيمِ قُيُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَى صَغِيرَةٍ (إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ) كَبِنْتِ ثَمَانٍ فَأَقَلَّ وَهَذَا مَفْهُومُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ (أَوْ) أَطَاقَتْهُ لَكِنْ (حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ عِنْدَهُ وَلَمْ تَحْصُلْ إسَاءَةُ ظَنٍّ (كَمُودَعَةٍ) وَمَرْهُونَةٍ وَأَمَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ تَخْرُجْ) لِلتَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِهَا (وَلَمْ يَلِجْ) أَيْ يَدْخُلْ (عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ أَوْ بَتَّ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا بِالْحَيْضِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إسَاءَةُ ظَنٍّ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ.
(أَوْ) (أَعْتَقَ) أَمَتَهُ الْمَوْطُوءَةَ لَهُ (وَتَزَوَّجَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ (أَوْ) (اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ) كَانَ الشِّرَاءُ لَهَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ، وَوَطْؤُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ مُبَاحًا، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ سِتَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ تَكْتَفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ مُعْتَادَةَ الْحَيْضِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ عَشَرَةٍ عَلَى مَا قِيلَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَيْضِ، وَلَا تَكْتَفِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِدَّةَ ثَبَتَتْ بِالْقُرْآنِ فَشُدِّدَ فِيهَا، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَدْ ثَبَتَ بِخَبَرِ آحَادٍ.
(قَوْلُهُ: كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ) هَاتَانِ تَمَامُ السِّتَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْضَةٍ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ كَالْيَائِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ عَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا نَظَرَ النِّسَاءُ الْعَارِفَاتُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَقُلْنَ: إنَّهَا لَا حَمْلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ لَا فِيمَنْ عَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ يُكْتَفَى فِيهَا بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرِ النِّسَاءِ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نَظَرَ النِّسَاءِ خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ دُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ هُوَ مُحَصِّلُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ إلَخْ) صَوَابُهُ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا زَالَتْ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا، وَإِلَّا بِأَنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ قَبْلَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ زَوَالِهَا، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ الرِّيبَةُ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ التِّسْعَةِ، وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ نَقْلُ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ
(قَوْلُهُ: وَتَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ ارْتَابَتْ) أَيْ إنْ ارْتَابَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ بِجَسِّ بَطْنٍ تَرَبَّصَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا) بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: إنَّهُ جَائِزٌ وَاخْتَارَ بْن مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْحُرْمَةِ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ
(قَوْلُهُ: كَمُودَعَةٍ وَمَرْهُونَةٍ) أَيْ حَاضَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي أَمَةِ زَوْجَتِهِ وَأَمَةِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِالْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ فَحَاضَتْ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ، وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) هَذَانِ الْقَيْدَانِ رَاجِعَانِ لِلْمُودَعَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَهِيَ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ، فَإِنْ تَخَلَّفَ قَيْدٌ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظَّنِّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَطْأَهُ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ) أَيْ وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ لَيُفَرِّقَ بَيْنَ وَلَدِهِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْقَوْلَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَأَمَّا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُ اسْتِبْرَائِهِ إنَّمَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ، وَوَطْؤُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَهَّمًا اهـ وَعِبَارَةُ بْن وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ وَهُوَ ابْنُ كِنَانَةَ إنَّمَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِتَزَوُّجِهِ لَهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي يُوجِبُهُ الشِّرَاءُ الْحَاصِلُ بَعْدُ وَإِلَّا عُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) هَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ يَطَؤُهَا أَوَّلًا بِالْمُلْكِ