كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ وَرَمَضَانَ شَعْبَانُ (كَالْعِيدِ) فِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَبْنِي بَعْدَ الْعِيدِ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ
(وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِفَصْلِ الْقَضَاءِ) الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ عَنْ صِيَامِهِ وَيَبْتَدِئُ صَوْمَهُ مِنْ أَوَّلِهِ (وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ) أَيْ قَطْعُ التَّتَابُعِ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ انْفِصَالِ الْقَضَاءِ، وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ آنِفًا وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَطْعِ لَا بِالتَّشْهِيرِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ أَيْ لَا يُبْطِلُهُ الْفِطْرُ نَاسِيًا، وَعَلَى قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ صَامَهَا (عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ) مَفْعُولُ يَدْرِ نَسِيَهُمَا وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَوَّلُهُمَا آخِرُ الْأُولَى، وَثَانِيهِمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ (صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ فَلَا يَنْتَفِلُ عَنْهَا حَتَّى يُتِمَّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِطْرَ النِّسْيَانِ لَا يُبْطِلُهُ (وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى، أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ أَحَدُهُمَا آخِرُ الْأُولَى، وَالثَّانِي أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ بَطَلَتْ الْأُولَى بِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا إذَا عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا نِسْيَانًا، كَمَا لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُمَا مِنْ افْتِرَاقِهِمَا (صَامَهُمَا) الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَهَا، وَصَامَ شَهْرَيْنِ أَيْضًا فَقَطْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْهَا، وَالثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ) فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا مُبْطِلٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا إذَا ظَنَّ إلَخْ) أَيْ كَمَنْ صَامَ شَعْبَانَ لِظِهَارِهِ ظَانًّا أَنَّهُ رَجَبٌ، وَأَنَّ رَمَضَانَ شَعْبَانُ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَوْمَهُ فِي شَعْبَانَ، وَأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَصَامَهُ لِفَرْضِهِ، وَأَكْمَلَ ظِهَارَهُ بِشَوَّالٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْنِي بَعْدَ الْعِيدِ مُتَّصِلًا) أَيْ وَيَجْرِي فِي يَوْمِ الْعِيدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا فِي الْبَدْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ) مُقَابِلُهُ أَنَّ جَهْلَ رَمَضَانَ لَيْسَ كَالْعِيدِ فَلَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَهِلَ رَمَضَانَ أَنَّ عِلْمَهُ بِهِ لَا يُجْزِيهِ عَنْ وَاحِدٍ سَوَاءٌ صَامَهُ عَلَى ظِهَارِهِ أَوْ شَرَّكَ فِيهِ فَرْضَهُ وَظِهَارَهُ
(قَوْلُهُ: وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ أَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِيهِ وَوَصَلَ الْقَضَاءَ بِصِيَامِهِ فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَ الْقَضَاءِ بِصِيَامِهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ تَرَكَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِتَفْرِيطِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْذَرُ فِي تَفْرِيقِهِ الْقَضَاءَ بِالنِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْيَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ وَعُذِرَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ نِسْيَانًا مَعَ أَنَّ الَّذِي أَفْطَرَ نَاسِيًا قَدْ أَتَى فِي خِلَالِ الصَّوْمِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ كَمَا أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ صَوْمِهِ وَالْقَضَاءِ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فَصْلَ النِّسْيَانِ يُبَيِّتُ فِيهِ الصَّوْمَ بِخِلَافِ فَصْلِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّتْهُ فِيهِ كَذَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَيْ بِمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ، وَأَفْطَرَهُ، وَأَمَّا إذَا فَصَلَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ كَيَوْمِ الْعِيدِ.
(قَوْلُهُ: وَشُهِرَ أَيْضًا إلَخْ) الْمُشْهِرُ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَا ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لعبق وَمُقَابِلُ ذَلِكَ الْمَشْهُورُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ: نِسْيَانًا) أَيْ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً لِتَفْرِيطِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ آنِفًا وَفِيهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ رَاشِدٍ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَهُ وَحِينَئِذٍ فَمُقَابِلُهُ قَوْلٌ شَاذٌّ لَا مَشْهُورٌ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ نِسْيَانٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّشْهِيرِ) لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فِيهِ خِلَافٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ هُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي النِّسْيَانِ، وَوَجْهُ اقْتِضَائِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى شُهِرَ قَطْعُ التَّتَابُعِ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نَاسِيًا، كَمَا شُهِرَ أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ عَمْدًا يَقْطَعُهُ (قَوْلُهُ: نَسِيَهُمَا) أَيْ أَفْطَرَ فِيهِمَا نِسْيَانًا.
(قَوْلُهُ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ صَوْمَ الْيَوْمَيْنِ وَقَضَاءَ الشَّهْرَيْنِ - حَيْثُ عُلِمَ اجْتِمَاعُ الْيَوْمَيْنِ - مُتَفَرِّعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ أَوْ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ أَمَّا تَفَرُّعُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا تَفَرُّعُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ فَوَجْهُهُ أَنَّهُ حَيْثُ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا لَمْ تَبْطُلْ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ الْأَوْلَى مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مِنْ الْيَوْمَيْنِ آخِرَ الْأُولَى، وَالثَّانِي أَوَّلَ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ الْأُولَى وَحْدَهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ الثَّانِيَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ وَحْدَهَا لِقَطْعِ التَّتَابُعِ بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا وَإِنْ كَانَا أَوَّلَ الثَّانِيَةِ أَوْ كَانَا آخِرَهَا لَمْ يَبْطُلْ إلَّا هُمَا، وَيُطَالَبُ بِقَضَائِهِمَا مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُفْتَرَقَيْنِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ هُمَا مُجْتَمِعَانِ أَوْ مُفْتَرِقَانِ وَهَلْ هُمَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا