(وَ) تَعَيَّنَ الصَّوْمُ أَيْضًا (لِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ) وَهِيَ هُنَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (وَقَدْ الْتَزَمَ) قَبْلَ ظِهَارِهِ (عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُ) بِأَنْ قَالَ: كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُهَا عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَقَوْلُهُ: (لِعَشْرِ سِنِينَ) أَيْ مَثَلًا، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عِتْقُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الظِّهَارِ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّقَبَةَ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِلظِّهَارِ
(وَإِنْ أَيْسَرَ) الشَّارِعُ فِي الصَّوْمِ (فِيهِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْهُ بِأَنْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (تَمَادَى) عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) أَيْ الصَّوْمَ بِمُفْسِدٍ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (وَنُدِبَ الْعِتْقُ) أَيْ الرُّجُوعُ لَهُ (فِي) صَوْمٍ (كَالْيَوْمَيْنِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ، وَأَمَّا لَوْ أَيْسَرَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ، وَلَوْ أَتَمَّ الْيَوْمَ، وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الثَّانِي كَمَا أَنَّ النَّدْبَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعِ ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَجَبَ إتْمَامُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ (وَلَوْ تَكَلَّفَهُ) أَيْ الْعِتْقَ (الْمُعْسِرُ) بِأَنْ تَدَايَنَ (جَازَ) يَعْنِي مَضَى وَأَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ كَمَا إذَا كَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالٍ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُ السُّؤَالَ وَيُعْطِي
(وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الصَّوْمِ (بِوَطْءِ) الْمَرْأَةِ (الْمُظَاهَرِ مِنْهَا) حَالَ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ وَيَبْتَدِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ (أَوْ) بِوَطْءِ (وَاحِدَةٍ مِمَّنْ) تُجْزِئُ (فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (وَإِنْ) حَصَلَ وَطْؤُهَا لِمَنْ ذَكَرَ (لَيْلًا) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا غَيْرُهَا، وَاحْتَرَزَ عَنْ وَطْءِ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا عَمْدًا فَلَا يَضُرُّ (كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) تَشْبِيهٌ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ، فَإِذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةً مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ بَطَلَ إطْعَامُهُ وَابْتَدَأَهُ أَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَهَارًا عَامِدًا فَلَا يَضُرُّ، وَعَبَّرَ فِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ التَّتَابُعِ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَنَاسَبَهُ الِانْقِطَاعُ (وَ) انْقَطَعَ صَوْمُهُ أَيْضًا (بِفِطْرِ السَّفَرِ) أَيْ بِفِطْرِهِ فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ (أَوْ) بِفِطْرٍ (بِمَرَضٍ) فِي سَفَرِهِ (هَاجَهُ) سَفَرُهُ وَلَوْ تَوَهُّمًا (لَا إنْ) تَحَقَّقَ أَنَّهُ (لَمْ يُهِجْهُ) بَلْ هَاجَ بِنَفْسِهِ أَوْ هَاجَهُ غَيْرُهُ
ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلِمَنْ طُولِبَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذِي الرِّقِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ إذْ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي الْتَزَمَ فِيهَا الْعِتْقَ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ فَلَوْ أَعْتَقَ الْغَيْرَ عَنْ الْمُلْتَزَمِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَادَ وَرَضِيَهُ أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَسْأَلْهُ لَا إنْ سَأَلَهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: طُولِبَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَالَبْ بِالْفَيْئَةِ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ فِي حَقِّهِ ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَصَبَرَ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَأَعْتَقَ
(قَوْلُهُ: فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ) أَيْ فَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا إلَخْ) وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ وُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْعِتْقِ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فِيهِمَا بِعَيْنِهِ لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ بْن وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَمَا بَعْدَهُ وَجَبَ التَّمَادِي عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ حَصَلَ الْيَسَارُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَ كَمَالِهِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ مَعَ وُجُوبِ إتْمَامِ صَوْمِ الْأَوَّلِ إذَا حَصَلَ الْيَسَارُ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ، وَإِنْ حَصَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّالِثِ، وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ نُدِبَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ، وَوَجَبَ إتْمَامُ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْيَسَارُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مِنْ الصَّوْمِ لِلْعِتْقِ أَوْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَضَى وَأَجْزَأَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّكَلُّفُ جَائِزًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مَمْنُوعًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا الْجَوَازَ بِالْمُضِيِّ وَالْإِجْزَاءِ، وَلَمْ نُبْقِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ تَكَلُّفَ الْمُعْسِرِ الْعِتْقَ قَدْ يَحْرُمُ، وَقَدْ يُكْرَهُ إلَخْ وَالْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِجَازِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجْزَأَ كَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ التَّكْلِيفَ الْمَمْنُوعَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ) أَيْ وَفَاؤُهُ بِسُؤَالٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّؤَالَ) أَيْ لِأَجَلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا لِلتَّكْثِيرِ فَهُوَ حَرَامٌ
(قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرَةِ مِنْهَا) أَيْ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ لَهَا فَلَا يَقْطَعَانِهِ كَمَا شَهَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقِيلَ: يَقْطَعَانِهِ وَشَهَرَهُ الزَّنَاتِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدَةٍ إلَخْ) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ بَطَلَ إطْعَامُهُ وَابْتَدَأَهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْوَطْءُ لَا يُبْطِلُ الْإِطْعَامَ الْمُتَقَدِّمَ مُطْلَقًا، وَالِاسْتِئْنَافُ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا قَالَ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] فِي الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْإِطْعَامُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَتَابِعًا نَاسَبَهُ الِانْقِطَاعُ (قَوْلُهُ: هَاجَهُ سَفَرُهُ) أَيْ حَرَّكَهُ سَفَرُهُ، وَهَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَكْلِ شَيْءٍ يَعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يُضَرُّ بِهِ ثُمَّ أَفْطَرَ، وَعَلَى هَذَا فَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ فِي: هَاجَهُ لِلشَّخْصِ أَيْ هَاجَهُ الشَّخْصُ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ أَوْ هَاجَهُ غَيْرُهُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا