باقامة الجماعة فيه ويحصلها لمن يصلي فيه فيحصل له ثواب عمارة المسجد ويحضلها لمن لا يصلى فيه وذلك معدوم في غيره، وكذلك إن كانت تقام فيه مع غيبته ألا إن في قصد غيره كسر قلب إمامه وجماعته فجبر قلوبهم أولى * (مسألة) * (ثم ما كان أكثر جماعة ثم في المسجد العتيق) فإن عدم ما ذكرنا في المسألة التي قبلها ففعلها فيما كان أكثر جماعة أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم " صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى " رواه الإمام أحمد في المسند فإن تساويا في الجماعة فالمسجد العتيق أفضل لأن الطاعة فيه أسبق والعبادة فيه أكثر.
وذكر أبو الخطاب إن فعلها في المسجد العتيق أفضل وان قل الجمع فيه لذلك والأول أولى لما ذكرنا من الحديث * (مسألة) * (وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب) على روايتين.
إحداهما قصد الأبعد أفضل لتكثر خطاه في طلب الثواب فتكثر حسناته ولما روى أبو موسى قال قال النبي صلى الله عليه
وسلم " أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى " رواه البخاري والثانية قصد الأقرب لأن له جواراً فكان أحق بصلاته كما أن الجار أحق بهدية جاره ومعروفه لقوله عليه السلام " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " * (مسألة) * (ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه) لأن الامام الراتب بمنزلة صاحب البيت وهو أحق لقوله عليه السلام " لا يؤمن الرجل الرجل في بيته إلا بإذنه " وقد روي عن ابن عمر أنه أتى أرضاً وعندها مسجد يصلي فيه مولى لابن عمر فصلى معهم فسألوه أن يصلي بهم فأبى وقال صاحب المسجد أحق، إلا أن يتأخر لعذر فيصلي غيره لأن أبا بكر صلى حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم وفعل ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أحسنتم " * (مسألة) * (فإن لم يعلم عذره انتظر وروسل) إلا أن يخشى خروج الوقت فيقدم غيره لئلا يفوت الوقت