لم تكمل الشهادة لأن ما شهد به أحد الشاهدين غير الذي شهد به الآخر فلم يشهد بكل واحد من الفعلين إلا شاهد واحد فلم يقبل إلا على قول أبي بكر فإن هذه الشهادة تكمل ويثبت المشهود به إذا اختلفا في الزمان أو المكان، فأما إن اختلفا في صفة الفعل فشهد أحدهما أنه سرق مع الزوال كيساً أبيض وشهد الآخر أنه سرق مع الزوال كيساً أسود أو شهد أحدهما أنه سرق هذا الكيس غدوة وشهد الآخر أنه سرقه عشياً لم تكمل الشهادة ذكره ابن حامد وقال أبو بكر تكمل الشهادة والأول أصح لأن كل فعل لم يشهده إلا واحد على ما قدمنا، فإن اختلفا في صفة المشهود به اختلافاً يوجب تغايرهما مثل أن يشهد أحدهما بثوب والآخر بدينار فلا خلاف في أن الشهادة لا تكمل لأنه لا يمكن إيجابهما جميعاً لأنه يكون إيجاب حق عليه بشهادة واحد ولا إيجاب أحدهما بعينه لأن الآخر لم يشهد به وليس أحدهما أولى من الآخر فأما إن شهد بكل فعل شاهدان واختلفا في المكان أو الزمان أو الصفة ثبتا جميعاً لأن كلاً منهما قد شهد به بينة عادلة لو انفردت أثبتت الحق وشهادة الأخرى لا تعارضها لإمكان الجمع بينهما إلا أن يكون الفعل مما لا يمكن تكراره كقتل رجل بعينه فتتعارض البينتان لعلمنا أن إحداهما كاذبة ولا نعلم أيتهما هي؟ بخلاف ما يتكرر ويمكن صدق البينتين فيه فإنهما يثبتان جميعاً إن أدعاهما وإن لم يدع إلا أحدهما ثبت له ما ادعاه دون ما لم يدعه، وإن شهد اثنان أنه سرق مع الزوال كيساً أسود وشهد آخران أنه سرق مع الزوال كيساً أبيض أو شهد اثنان أنه سرق هذا الكيس غدوة وشهد آخران أنه سرقه عشياً فقال القاضي يتعارضان وهو مذهب الشافعي كما لو كان المشهود به قتلاً، قال شيخنا والصحيح أن هذا لا تعارض فيه لأنه يمكن صدق البينتين بأن يسرق عند الزوال كيسين أبيض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015