وجملة ذلك أن من ادعى أنه وارث فلان الميت فشهد له شاهدان أنه وارثه لا يعلمان له وارثاً غيره قبلت شهادتهما وسلم المال إليه وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي والعنبري، وقال ابن أبي ليلى لا يقبل حتى يبينا أنه لا وارث له سواه ولنا أن هذا مما لا يمكن علمه فكفى فيه الظاهر من شهادة الأصل بعدم وارث آخر قال أبو الخطاب سواء كانا من أهل الخبرة الباطنة أو لم يكونا وكذلك ذكره شيخنا ويحتمل أن لا يقبل إلا من أهل الخبرة الباطنة لأن عدم علمهم بوارث آخر ليس بدليل على عدمه بخلاف أهل الخبرة الباطنة فإن الظاهر أنه لو كان له وارث آخر لم يخف عليهم وهذا قول الشافعي فأما إن قالا لا نعلم له وارثاً بهذه البلدة أو بأرض كذا وكذا احتمل أن يسلم المال إليه وبهذا قال أبو حنيفة كما لو قالا لا نعلم له وارثاً وذكر
ذلك مذهباً لأحمد واحتمل أن هذا ليس بدليل على عدم وارث سواه لأنهما قد يعلمان أنه لا وارث له في تلك الأرض ويعلمان له وارثاً في غيرها فلم تقبل شهادتهما كما لو قالا لا نعلم له وارثاً في هذا البيت وهذا قول مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد وهو أولى إن شاء الله تعالى (فصل) إذا مات رجل فشهد رجلان أن هذا الغلام ابن الميت لا نعلم له وارثاً سواه وشهد آخران لاخران هذا الغلام بن هذا الميت لا نعلم له وارثاً سواه فلا تعارض بينهما وثبت نسب الغلامين منه ويكون الإرث بينهما لأنه يجوز أن تعلم كل بينة ما لم تعلمه الأخرى.