عن عمر رضي الله عنه أنه استعمل زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقا ورزق شريحاً في كل شهر مائة درهم وبعث إلى الكوفة عماراً وابن مسعود وعثمان وكان ابن مسعود قاضيهم ومعلمهم وكتب إلى معاذ بن جبل وأبي عبيدة حين بعثهما إلى الشام ان انظرا رجالاً من صالحي من قبلكم فاستعملوهم على القضاء واوسعوا عليهم وارزقوهم واكفوهم من مال الله وقال أبو الخطاب يجوز له أخذ الرزق مع الحاجة فأما مع عدمها فعلى وجهين، وقد روي عن أحمد أنه قال ما يعجبني أن يأخذ على القضاء أجراً وإن كان فبقدر عمله مثل مال اليتيم وكان ابن مسعود والحسن يكرهان الأجر على القضاء وكان ابن مسعود وعبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن لا يأخذان عليه أجراً وقالا لا نأخذ أجراً على أن نعدل بين اثنين وقال أصحاب الشافعي إن لم يكن متعيناً جاز له أخذ الرزق وإن تعين لم يجز إلا مع الحاجة والصحيح جواز الأخذ عليه مطلقاً لأن أبا بكر رضي الله عنه لما ولي الخلافة فرضوا له رزقاً كل يوم درهمين ولما ذكرنا أن عمر رزق زيدا وشريحا وابن مسعود وأمر بفرض الرزق
لمن ولي من القضاة ولأن بالناس حاجة إليه ولو لم يجز فرض الرزق لتعطل وضاعت الحقوق فأما الاستئجار عليه فلا يجوز قال عمر رضي الله عنه لا ينبغي لقاضي المسلمين ان يأخذ على القضاء أجراً وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً لأنه قربة يختص فاعله أن يكون من أهل القربة فأشبه الصلاة ولأنه لا يعمله الإنسان عن غيره وإنما يقع عن نفسه فأشبه الصلاة ولأنه عمل غير معلوم فإن لم يكن القاضي رزق فقال للخصمين لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي عليه جعلاً جاز ويحتمل ألا يجوز