ولنا أنه حق يؤخذ من التجارة فلا يؤخذ في السنة إلا مرة كنصف العشر من الذمي، وقولهم يفوت لا يصلح فإنه يؤخذ منه أول ما يدخل مرة ويكتب الآخذ له بما أخذ منه ثم لا يؤخذ منه شئ حتى تمضي تلك السنة فإذا جاء في العام الثاني أخذ منه في أول ما يدخل فإن لم يدخل فما فات من حق السنة الأولى شئ (مسألة) (وعلى الامام حفظهم والمنع من أذاهم واستنقاذ من أسر منهم) تلزمه حمايتهم من المسلمين وأهل الحرب وأهل الذمة لأنه التزم بالعهد حفظهم ولهذا قال علي رضي الله عنه إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا وقال عمر رضي الله عنه في وصيته للخليفة بعده وأوصيه بأهل ذمة المسلمين خيراً أن يوفى لهم بعهدهم ويحاطوا من ورائهم ويجب فداء أسراهم سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا وهذا ظاهر قول الخرقي وهو قول عمر بن عبد العزيز والليث لأننا التزمنا حفظهم بمعاهدتهم وأخذ جزيتهم فلزمنا القتال من ورائهم والقيام دونهم فإذا عجزنا عن ذلك وأمكننا تخليصهم لزمنا ذلك وقال القاضي إنما يجب فداؤهم إذا استعان بهم الإمام في قتال فسبوا وجب عليه فداءهم لأن أسرهم كان لمعنى من جهته وهو المنصوص عن أحمد ومتى وجب فداؤهم فإنه يبدأ بفداء المسلمين قبلهم ولأن حرمة المسلم أعظم والخوف عليه أشد وهو معرض الفتنة عن دين الحق بخلاف أهل الذمة (فصل) ومن هرب منهم إلى دار الحرب ناقضاً للعهد عاد حربياً حكمه حكم الحربي سواء كان رجلاً أو امرأة ومتى قدر عليه أبيح منه ما يباح من الحربي من القتل والأسر وأخذ المال فإن هرب بأهله وذريته أبيح من الهاربين منهم ما يباح من أهل الحرب ولم يبح سبي الذرية لأن النقض إنما وجد من البالغين دون الذرية، وإن نقضت طائفة من أهل الذمة جاز غزوهم وقتالهم، وإن نقص بعضهم دون بعض اختص حكم النقض بالناقض وإن لم ينقضوا لكن خاف النقض منهم لم يجز أن ينبذ إليهم عهدهم لأن عقد الذمة لحقهم بدليل أن الإمام تلزمه إجابتهم بخلاف عقد الأمان والهدنة فإنه لمصلحة
المسلمين ولأن عقد الذمة آكد لأنه مؤبد وهو معاوضة وكذلك إذا نقض بعض أهل الذمة العهد