تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب فقال (ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وماهي بعورة إن يريدون إلا فرارا) ولأنهم يصير الجهاد عليهم فرض عين إذا جاء العدو فلا يجوز لأحد التخلف عنه.
إذا ثبت هذا فانهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير لأن أمر الحرب موكول إليه وهو أعلم بقلة العدو وكثرتهم ومكامنهم وكيدهم فينبغي أن يرجع إلى رأيه لأنه أحوط للمسلمين إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم فلا يجب استئذانه حينئذ لأن المصلحة تتعين في قتالهم
والخروج إليهم لتعين الفساد في تركهم ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة ابن الأكوع خارجاً من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال (خير رجالنا سلمة بن الاكوع) وأعطاه سهم فارس وراجل وكذلك إن عرضت لهم فرصة يخافون فوتها إن تركوها حتى يستأذنوا الأمير فلهم الخروج بغير إذنه لئلا تفوتهم (فصل) وسئل أحمد عن الإمام إذا غضب على الرجل فقال أحرج عليك أن لا تصحبني فنادى بالنفير يكون اذنا له؟ قال لا إنما قصد له وحده فلا يصحبه حتى يأذن له، قال وإذا نودي بالصلاة والنفير فإن كان العدو بالبعد إنما جاءهم طليعة العدو صلوا ونفروا إليهم وإذا استغاثوهم وقد جاء العدو أغاثوا ونصروا وصلوا على ظهور دوابهم ويؤمون الغياث عندي أفضل من صلاة الجماعة والطالب والمطلوب في هذا الموضع يصلي على ظهر دابته وهو يسير إن شاء الله وإذا سمع النفير وقد أقيمت الصلاة يصلي ويخفف ويتم الركوع والسجود ويقرأ بسور قصار وقد نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو جنب