أولئك كانوا يرادون على الكلمة ثم يتركون يعملون ما شاءوا وهؤلاء يريدونهم على الإقامة على الكفر
وترك دينهم وذلك أن الذي يكره على الكلمة يقولها ثم يخلى لا ضرر فيها وهذا المقيم بينهم يلتزم باجابتهم الى الكفر المقام عليه واستحلال المحرمات وترك الفرائض والواجبات وفعل المنكرات والمحظورات وإن كانت امرأة يزوجونها ويستولدونها أولاداً كفاراً وكذلك الرجل وظاهر حالهم المصير الى الكفر الحقيقي والانسلاخ من الدين الحنيفي (فصل) ومن أصاب حداً ثم ارتد ثم أسلم أقيم عليه حده وبهذا قال الشافعي سواء لحق بدار الحرب في ردته أو لم يلحق بها، وقال قتادة في مسلم احدث حدثا ثم لحق بالروم ثم قدر عليه ان كان ارتد درئ عنه الحد وإن لم يكن ارتد أقيم عليه ونحو هذا قال أبو حنيفة والثوري إلا حقوق الناس لأن ردته احبطت عمله فأسقطت ما عليه من حقوق الله تعالى كمن فعل ذلك في حال شركه فانه لم يثبت حكمه في حقه.
وأما قوله الاسلام (يجب ما قبله) فالمراد به ما فعله في كفره لأنه لو أراد ما قبل ردته أفضى إلى كون الردة التي هي اعظم الذنوب مكفرة للذنوب وأن من كثرت ذنوبه ولزمته حدود يكفر ثم يسلم فتكفر ذنوبه وتسقط حدوده (فصل) فأما فعله في ردته فقد نقل مهنا عن أحمد قال: سألته عن رجل ارتد عن الاسلام فقطع الطريق ثم لحق بدار الحرب وأخذه المسلمون قال تقام عليه الحدود ويقتص منه وسألته عن رجل ارتد فلحق بدار الحرب فقتل بها مسلماً ثم رجع تائبا وقد أسلم فأخذه وليه يكون عليه القصاص؟ فقال قد زال عنه الحكم لأنه إنما قتل وهو مشرك ثم توقف بعد ذلك وقال لا أقول في هذا شيئاً