(فصل) ومن أسلم من الأبوين كان أولاده الأصاغر تبعاً له وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب الرأي إذا أسلم أبواه أو أحدهما وأدرك فأبى الاسلام أجبر عليه ولم يقتل، وقال مالك إن أسلم الأب تبعه أولاده وان أسلمت الأم لم يتبعوها لأن ولد الحرين يتبع أباه دون امه بدليل الموليين إذا كان لهما ولد كان ولاؤه لمولى ابيه دون أمه ولو كان الأب عبداً والأم مولاة فأعتق العبد لجر ولاء ولده إلي مواليه، ولأن الولد يشرف بشرف أبيه وينسب إلى قبيلته دون قبيلة أمه فوجب أن يتبع أباه في دينه أي دين كان، وقال الثوري إذا بلغ خير بين دين أبيه ودين أمه فأيهما اختاره كان على دينه ولعله يحتج بحديث الغلام الذي أسلم أبوه وأبت أمه أن تسلم فخيره النبي صلى الله عليه وسلم بين أبيه وأمه ولنا أن الولد يتبع أبويه في الدين فإذا اختلفا وجب أن يتبع المسلم منهما كولد المسلم من الكتابية ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى، ويترجح بأشياء (منها) أنه دين الله الذي رضيه لعباده وبعث به رسله ودعا خلقه اليه (ومنها) أنه تحصل به السعادة في الدنيا والآخرة ويتخلص به في الدنيا من القتل والاسترقاق واداء الجزية وفي الآخرة من سخط الله وعذابه (ومنها) أن الدار دار الإسلام يحكم بإسلام لقيطها ومن لا تعرف حاله فيها، وإذا كان محكوماً باسلامه أجبر عليه إذا امتنع منه بالقتل كولد المسلمين ولأنه مسلم فاذا رجع عن إسلامه وجب قتله لقوله عليه الصلاة والسلام (من بدل دينه فاقتلوه) وبالقياس على غيره
ولنا على مالك أن الأم أحد الأبوين فتبعها ولدها في الاسلام كالأب بل الأم أولى لأنها أخص به لأنه مخلوق منها حقيقة وتختص بحمله ورضاعه ويتبعها في الرق والحرية والتدبير والكتابة ولأن سائر الحيوانات يتبع الولد أمه دون أبيه وهذا يعارض ما ذكره، وأما تخيير الغلام فهو في الحضانة لا في الدين