(مسألة) (فأما القتل المباح كالقصاص والحد وقتل الباغي والصائل فلا كفارة فيه) وجملة ذلك أن كل قتل مباح لا كفارة فيه كقتل الحربي والباغي والزاني المحض والقتل قصاصاً وحداً لأنه قتل مأمور به والكفارة لا تجب لمحو المأمور به وأما الخطأ فلا يوصف بتحريم ولا إباحة لأنه كقتل المجنون والبهيمة لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة فلذلك وجبت الكفارة فيها وقال قوم الخطأ محرم لا إثم فيه وقيل ليس بمحرم لأن المحرم ما إثم فاعله.
وقوله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) هذا استثاء منقطع وإلا في موضع لكن والتقدير لكن قد يقتله خطأ وقيل إلا بمعنى ولا أي ولا خطأ وهذا يبعد لأن الخطأ لا يتوجه إليه النهي لعدم إمكان التحرز منه وكونه لا يدخل تحت الوسع ولأنها لو كانت بمعنى ولا لكانت عاطفة للخطأ على ما قبله وليس قبله ما يصلح عطفه عليه فأما قتل نساء أهل الحرب وصبيانهم فلا كفارة فيه لأنهم ليس لهم أيمان ولا أمان وإنما منع من قتلهم لانتفاع المسلمين بهم لكونهم يصيرون بالسبي رقيقاً ينتفع بهم وكذلك قتل من لم تبلغه الدعوة لا كفارة فيه لذلك ولذلك لم يضمنوا بشئ فاشبهوا من قتله مباح (فصل) ومن قتل نفسه خطأ وجبت الكفارة في ماله وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تجب لأن ضمان نفسه لا يجب فلم تجب الكفارة به كقتل نساء أهل الحرب وصبيانهم ووجه الأول عموم قوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) ولأنه آدمي مؤمن مقتول خطأ فوجبت الكفارة على قاتله كما لو قتله غيره قال شيخنا وقول أبي حنيفة أقرب الى الصواب إن شاء الله تعالى فإن عامر بن الأكوع قتل نفسه خطأ فلم بأمرالنبي صلى الله عليه وسلم فيه بكفارة فأما قوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ) فإنما