والعفو على ديته أو العفو مطلقاً، وإن كان لا يوجب القصاص كالجائفة ونحوها فعليه الأرش وإنما جعلنا عليه القصاص لأن الثاني بفعله قطع سراية الأول فصار كالمندمل الذي لا يسري وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه مخالفاً، ولو كان جرح الأول يفضي إلى الموت لا محالة إلا أنه لا يخرج به من حكم الحياة
وتبقى معه الحياة المستقرة مثل خرق المعى أو أم الدماغ فضرب الثاني عنقه فالقاتل هو الثاني لأنه فوت حياة مستقرة وقتل من هو في حكم الحياة بدليل أن عمر رضي الله عنه لما جرح دخل عليه الطبيب فسقاه لبنا فخرج يصلد فعلم الطبيب أنه ميت فقال أعهد إلى الناس فعهد إليهم وأوصى وجعل الخلافة إلى أهل الشورى فقبل الصحابة عهده وأجمعوا على قبول وصاياه لما كان حكم الحياة باقياً كان الثاني مفوتاً لها فكان هو القاتل كما لو قتل عليلاً لا يرجى برء علته (مسألة) (فإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده فالقصاص على الثاني) لأنه فوت حياته قبل المصير إلى حياة ييئس فيها من حياته فأشبه ما لو رماه إنسان بسهم قاتل فقطع آخر عنقه قبل وقوع السهم به أو القى عليه صخرة فأطار آخر رأسه بالسيف قبل وقوعها عليه وبهذا قال الشافعي إن رماه من مكان يجوز أن يسلم منه وإن رماه من شاهق لا يسلم منه الواقع ففيه وجهان (أحدهما) كقولنا (والثاني) الضمان عليهما بالقصاص والدية عند سقوطه لأن كل واحد منهما سبب للإتلاف ولنا أن الرمي سبب والقتل مباشرة فانقطع حكم السبب كالدافع مع الحافر والجارح مع الذابح وكالصور التي ذكرناها وما ذكروه باطل بالأصول المذكورة (مسألة) (وإن ألقاه في لجة فالتقمه الحوت فالقود على الرامي في أحد الوجهين) إذا كانت اللجة لا يمكنه التخلص منها فالقود على الرامي لأنه ألقاه في مهلكة هلك بها من غير