ثم قامت فشهدت (الثاني) أن يكون بمحضر جماعة من المسلمين لأن ابن عباس وابن عمر وسهل بن سعد حضروا مع حداثة أسنانهم فدل على أنه حضر جمع كثير لأن الصبيان إنما يحضرون المجالس تبعاً للرجال ولأن اللعان بني على التغليظ مبالغة في الردع به والزجر وفعله في الجماعة أبلغ في ذلك ويستحب أن لا ينقصوا عن أربعة لأن بينة الزنا التي شرع اللعان من أجل الرمي به أربعة وليس ينبني من هذا واجباً وبهذا كله قال أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً (الثالث) أن يكون في الأوقات والأماكن المعظمة وهذا قول أبي الخطاب وهو مذهب الشافعي إلا أن عنده في التغليظ بالمكان قولين (أحدهما) أن التغليظ به مستحب كالزمان (والثاني) أنه واجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بينهما عند المنبر فكان فعله بياناً للعان ومعنى التغليظ بالمكان بمكة بين الركن والمقام وبالمدينة عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها، وأما الزمان فبعد العصر لقول الله تعالى (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله) أجمع المفسرون على أن المراد بالصلاة صلاة العصر وقال أبو الخطاب في موضع آخر بين الأذانين لأن الدعاء بينهما لا يرد، وقال القاضي لا يستحب التغليظ في اللعان بمكان ولا زمان، وبهذا قال أبو حنيفة لأن الله تعالى أطلق الأمر بذلك ولم يقيده بزمن ولا مكان ولا يجوز تقييده إلا بدليل، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً بإحضار امرأته ولم يخصه بزمن ولو خصه بذلك لنقل ولم يهمل ولو استحب ما ذكروه لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولو فعله لنقل ولم يسع