وجملة ذلك أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا صداق ولا رضى المرأة ولا علمها بإجماع أهل العلم
لأن حكم الرجعية حكم الزوجات لما نذكره والرجعية امساك لا واستبقاء لنكاحها ولهذا سمى الله تعالى الرجعة إمساكاً وتركها فراقاً وسراحاً فقال (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) وفي رواية أخرى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد لها سبب زواله فالرجعة تزيل شعثه وتقطع مضيه إلى البينونة فلم تحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح.
فأما الإشهاد ففيه روايتان (إحداهما) يجب، وهذا أحد قولي الشافعي لأن الله تعالى قال (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم) فظاهر الأمر الوجوب ولأنه استباحة بضع مقصود فوجبت الشهادة فيه كالنكاح وعكسه البيع.
(والرواية الثانية) لا تجب الشهادة وهي اختيار أبي بكر وقول مالك وأبى حنيفة لأنها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة كسائر حقوق الزوج ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد كالبيع وهذه أولى إن شاء الله تعالى ويحمل الأمر على الاستحباب ويؤكد ذلك أن الأمر بالشهادة عقيب قوله (أو فارقوهن) فهو يرجع إلى أقرب المذكورين يقيناً ولا تجب الشهادة فيه فكذلك ما قبله وهو قوله (فأمسكوهن) بطريق الأولى ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب الإشهاد فان قلنا هو شرط فإنه يعتبر وجوده