ولنا أن العرف جار بذلك وفيه دلالة على الوقف فجاز أن يثبت به كالقول وجرى مجرى من قدم إلى ضيفه طعاماً كان إذناً في أكله ومن ملأ خابية ماء على الطريق كان تسبيلا له ومن نثر نثاراً كان إذناً في أخذه كذلك دخول الحمام واستعمال مائه من غير إذن مباح بدلالة الحال وقد ذكرنا في البيع أنه يصح بالمعاطاة وكذلك الهبة والهدية لدلالة الحال كذلك هذا وأما الوقف على المساكين فلم تجر به عادة بغير لفظ ولو كان شئ جرت به العادة أو دلت الحال عليه كان كمسئلتنا * (مسألة) * وصريحه وقفت وسبلت وحبست فمتى أتي بواحدة منها صار وقفاً من غير انضمام أمر زائد لأن هذه الألفاظ ثبت لها عرف الاستعمال بين الناس وانضم إلى ذلك عرف الشرع بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر " إن شئت حبست أصلها وسلبت ثمرتها " فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق والكناية تصدقت وحرمت وأبدت فليست صريحة لأن لفظة الصدقة والتحريم مشتركة فإن الصدقة تستعمل في الزكاة والهبات والتحريم يستعمل في الظهار والإيمان ويكون تحريماً على نفسه
وعلى غيره، والتأبيد يحتمل تأبيد التحريم وتأييد الوقف فلم يثبت لهذه الألفاظ عرف الاستعمال فلا يصح الوقف بمجردها ككنايات الظاهر فإذا انضم إليها أحد ثلاثة أشياء حصل الوقف بها (أحدها) أن ينوي الوقف فيكون على ما نوى إلا أن النية تجعله وقفاً في الباطن دون الظاهر لعدم الاطلاع عليها فإن اعترف بما نواه لزم في الحكم لظهوره، وإن قال ما أردت الوقف فالقول قوله لأنه أعلم بما نوى