ولنا ماروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألا إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) متفق عليه وما حرم بيعه لالحرمته لم تجب قيمته كاليمتة ولأن ما لم يكن مضموناً في حق المسلم لا يكون مضموناً في حق الذمي كالمرتد، ولأنها غير متقومة فلا تضمن كالميتة، ودليل أنها غير متقومة أنهغا غير متقومة في حق المسلم فكذلك في حق الذمي فان تحريهما ثبت في حقهما وخطاب النواهي يتوجه إليها فما ثبت في حق أحدهما ثبت في حق الآخر ولا نسلم أنها معصومة بل متى أظهرت حلت إراقتها ثم لو عصمها ما لزم تقومها فإن نساء أهل الحرب وصبيانهم معصومون غير متقومين وقولهم إنها مال عندهم ينتقض بالعبد المرتد فإنه مال عندهم، فأما حديث عمر فمحمول على أنه أراد ترك التعرض لهم وإنما أمر بأخذ عشر أثمانها لأنهم إذا تبايعوا وتقابضوا حكمنا بالمالك ولم نتقضه وتسميتها أثماناً مجاز كما سمى الله تعالى ثمن يوسف ثمناً فقال (وشروه بثمن جنس) (فصل) فإن غصب من مسلم خمراً حرم ردها ووجبت إراقتها لأن أبا طلحة سأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً فأمره بأراقتها، وإن أتلفها أو تلفت عنده لم يجب ضمانها لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ولأن ما حرم الانتفاع به لم يجب ضمانه كالميتة والدم، فإن أمسكها حتى صارت خلا لزمه ردها لأنها صارت خلاعلى حكم ملكه فلزمه ردها فإن تلفت ضمنها له لأنها مال المغصوب منه تلف في يد الغاصب، فإن أراقها