وإن أحرم بالحج صح لأنه مكلف أشبه غيره ولأنه عبادة فصحت منه كسائر العبادات فإن كان أحرم بفرض دفع إليه النفقة من ماله ليسقط الفرض عن نفسه وإن كان تطوعاً وكانت نفقته في السفر كنفقته في الحضر دفعت لأنه لاضرر في إحرامه فإن زادت نفقة السفر فقال: أنا أكسب تمام نفقتي دفعت إليه أيضاً لأنه لا يضر بماله وإن لم يكن له كسب فلو ليه تحليله لما في مضيه فيه من تضييع ما له ويتحلل بالصيام كالمعسر لأنه ممنوع من التصرف في ماله، ويحتمل أن لا يملك وليه تحليله بناء على العبد إذا أحرم بغير إذن سيده وإن لزمه كفارة يمين أو ظهار أو قتل أو وطئ في نهار رمضان كفر بالصيام لما ذكرنا وإن أعتق أو أطعم لم يجزه لأنه ممنوع من ماله أشبه المفلس، وبهذا قال الشافعي، ويتخرج أن يجزئه العتق بناء على قولنا بصحة عتقه وإن نذر عبادة بدنية لزمه فعلها لأنه غير محجور عليه في بدنه وإن نذر الصدقة بمال لم يصح منه وكفر بالصيام فإن فك الحجر عنه قبل تكفيره في هذه المواضع لزمه العتق إن قدر عليه ومقتضى قول أصحابنا أنه يلزمه الوفاء بنذره بناء على قولهم فيمن أقر قبل فك الحجر عنه ثم فك الحجر عنه أنه يلزمه أداؤه وإن فك بعد تكفيره لم يلزمه شئ كما لو كفر عن يمينه بالصيام ثم فك الحجر عنه {مسألة} (وإن أقر بحد أو قصاص أو نسب أو طلق زوجته أخذ به) وجملة ذلك أن المحجور عليه لسفه أو فلس إذا أقر بما يوجب حداً أو قصاصاً كالزنا والسرقة
والقذف والقتل والشرب أو قطع اليد وما أشبههما فإنه يصح إقراره ويلزمه حكم ذلك في الحال بغير خلاف علمناه، قال إبن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرار المحجور عليه على نفسه جائز إذا كان إقراره بزنا أو سرقة أو شرب خمر أو قذف أو قتل وإن الحدود تقام عليه.
وهذا قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم وذلك لأنه غير متهم في حق نفسه والحجر إنما تعلق بماله فقبل إقراره على نفسه بمال يتعلق بالمال وإن طلق زوجته نفذ طلاقه في قول الأكثرين، وقال ابن أبي ليلى لا يقع لأن البضع يجري مجرى المال بدليل أنه يملكه بمال ويصح أن يزول ملكه عنه بمال فلم يملك التصرف فيه كالمال