من نفع مباح فلم يجز بيعه كالميتة، ولا يجوز التداوي به ولا بسم الأفاعي، فأما سم النبات فإن كان لا ينتفع به أو يقتل قليله لم يجز بيعه لعدم نفعه، وإن أمكن التداوي بيسيره كالسقمونيا جاز بيعه لأنه طاهر منتفع به
(فصل) (الرابع أن يكون مملوكاً له أو مأذوناً له في بيعه فإن باع ملك غيره بغير إذنه أو اشترى بعين ماله شيئاً بغير إذنه لم يصح وعنه يصح ويقف على إجازة المالك) إذا اشترى بعين مال غيره أو باع ماله بغير إذنه ففيه روايتان (إحداهما) لا يصح البيع وهذا مذهب الشافعي وأبي ثور وابن المنذر (والثانية) يصح البيع والشراء ويقف على إجازة المالك فإن أجازه نفذ ولزم البيع وإن لم يجزه بطل وهو قول مالك وإسحاق وبه قال أبو حنيفة في البيع.
فأما الشراء فيقع للمشتري عنده بكل حال لما روى عروة بن الجعد البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاة فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بدينار في الطريق، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار والشاة وأخبرته فقال " بارك الله لك في صفقة يمينك " رواه ابن ماجه والاثرم ولأنه عقد له مجيز حال وقوعه فصح وقفه على إجازته كالوصية بزيادة على الثلث ووجه الرواية الأولى قول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام " لاتبع ما ليس عندك " رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح يعني مالا تملك لأنه ذكره جواباً له حين سأله أنه يبيع الشئ ويمضي ويشتريه ويسلمه.
ولاتفاقنا على صحة بيع ماله الغائب ولانه باع مالا يقدر على تسليمه فأشبه الطير في الهواء.
فأما الوصية فيتأخر فيها القبول عن الإيجاب، ولا يعتبر ان يكون لها مجيز حال وقوع العقد ويجوز فيها من الغرر مالايجوز في البيع، وحديث عروة نحمله على أن وكالته كانت مطلقة بدليل أنه يسلم ويستلم وليس ذلك لغير المالك باتفاقنا {مسألة} (وإن اشترى له في ذمته بغير إذنه صح فإن أجازه من اشترى له ملكه وإلا لزم من اشتراه) إذا اشترى في ذمته لإنسان شيئاً بغير إذنه صح لأنه متصرف في ذمته لا في مال غيره وسواء نقد الثمن من مال الغير أو لا لأن الثمن هو الذي في الذمة والذي نقده عوضه ولذلك قلنا إنه إذا اشترى ونقده الثمن بعد ذلك كان له البدل، وإن خرج مغصوباً لم يبطل العقد وإنما وقف الأمر على إجازة الآخر لإنه قصد الشراء له فإن أجازه لزمه وعليه الثمن وإن لم يقبله لزم من اشتراه (فصل) وإن باع سلعة وصاحبها حاضر ساكت فحكمه حكم مالو باعها بغير إذنه في قول الأكثرين منهم أبو حنيفة وابو يوسف والشافعي قال ابن أبي ليلى سكوته إقرار لأنه يدل على الرضا كسكوت
البكر في الاذن في النكاح.
ولنا أن السكوت محتمل فلم يكن إذنا كسكوت الثيب، وفارق سكوت البكر لوجود الحياء المانع من الكلام في حقها وليس ذلك موجوداً هاهنا {مسألة} (ولايجوز بيع مالا يملكه ليمضي ويشتريه ويسلمه رواية واحدة) وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً لأن حكيم بن حزام قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن الرجل يأتيني يلتمس من البيع ما ليس عندي فأمضي إلى السوق فأشتريه ثم أبيعه منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لاتبع ما ليس عندك " حديث حسن صحيح ولانه يبيع ما لا يقدر على تسليمه أشبه بيع الطير في الهواء