حكم بيع المرتد حكم القاتل في صحة بيعه وسائر أحكامه، وبيعه جائز لأن قتله غير متحتم لاحتمال رجوعه إلى الاسلام ولانه مملوك منتفع به، وخشية هلاكه لا تمنع صحة بيعه كالمريض فإنا لا نعلم خلافاً
في صحة بيع المريض (فصل) ويصح بيع العبد الجاني في أصح الوجهين سواء كانت جنايته عمداً أو خطأ على النفس أو ما دونها موجبة للقصاص أو غير موجبة وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وقال في الآخر لا يصح بيعه لأنه تعلق برقبته حق آدمي فمنع صحة بيعه كالرهن.
بل حق الجناية آكد لأنها تقدم على حق المرتهن.
ولنا أنه حق غير مستقر في الجاني يملك أداءه من غيره فلم يمنع البيع كالزكاة أو حق ثبت بغير رضى سيده فلم يمنع بيعه كالدين في ذمته أو تصرف في الجاني فجاز كالعتق، وإن كان الحق قصاصاً فهو يرجى سلامته ويخشى تلفه وذلك لا يمنع كالمريض، أما الرهن فإن الحق متعلق فيه لا يملك سيده إبداله ثبت الحق فيه برضاه وثيقة للدين فلو أبطله بالبيع سقط حق الوثيقة الذي التزمه برضاه واختياره (فصل) فأما القاتل في المحاربة فإن تاب قبل القدرة عليه فهو كالجاني وإن لم يتب حتى قدر عليه فقال أبو الخطاب هو كالقاتل في غير محاربة لأنه عبد قن يصح اعتاقه ويملك استخدامه فصح بيعه كغير القاتل، ولأنه يمكنه الانتفاع به إلى حين قتله، ويعتقه فيجر به ولاء أولاده فجاز بيعه كالمريض المأيوس من برئه، وقال القاضي لا يصح بيعه لأنه تحتم قتله وإتلافه وإذهاب ماليته وحرم إبقاؤه فصار بمنزلة ما لا ينتفع به من الحشرات والميتات، وهذه المنفعة اليسيرة مفضية به إلى قتله لا يتمهد بها محلا للبيع كالمنفعة الحاصلة من الميتة لسد رمق أو إطعام كلب، والأولى أصح فإنه كان محلا للبيع والأصل بقاء ذلك فيه وانحتام إتلافه لا يجعله تالفاً بدليل أن أحكام الحياة من التكليف وغيره لا تسقط عنه ولا تثبت