عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه فيما علمناه ولأن الناس يتبايعون بالمعاطاة في كل عصر ولم ينقل إنكاره قبل مخالفينا فكان أجماعاً ولأن الإيجاب والقبول انما يرادان للدلالة فإذا وجد ما يدل عليه من المساومة والتعاطي قام مقامهما وأجزأ عنهما لعدم التعبد فيه (فصل) وكذلك الحكم في الإيجاب والقبول في الهبة والهدية والصدقة فانه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه استعمال ذلك فيه وقد أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحبشة وغيرها وكان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة.
متفق عليه وروى البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام سأل عنه " أهديه أم صدقة؟ " فإن قيل صدقة قال لأصحابه " كلوا " ولم يأكل وإن قيل هدية ضرب بيده فأكل معهم وفي حديث سلمان
رضي الله عنه حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر فقال: هذا شئ من الصدقة رأيتك أنت وأصحابك أحق الناس به فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه " كلوا " ولم يأكل ثم أتاه ثانية بتمر فقال رأيتك لا تأكل الصدقة وهذا شئ أهديته لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بسم الله " وأكل ولم ينقل قبول ولا أمر بإيجاب وإنما سأل ليعلم هل هو صدقة أو هدية ولو كان الإيجاب والقبول شرطاً في هذه العقود لشق ذلك ولكانت أكثر العقود فاسدة وأكثر أموالهم محرمة وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى (فصل) قال رضي الله عنه (ولا يصح البيع إلا بشروط سبعة (أحدها) التراضي به وهو أن يأتيا به اختياراً لقول الله تعالى (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) فإن كان أحدهما مكرهاً لم يصح لعدم الشرط إلا أن يكره بحق كالذي يكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه فيصح لأنه قول حمل عليه لحق فصح كإسلام المرتد) (فصل) (الثاني أن يكون العاقد جائز التصرف وهو المكلف الرشيد فلا يصح من غير عاقل