" البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " متفق عليه، وروى رفاعة أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى
المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال " يا معشر التجار " فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال " إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من بر وصدق " قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح في أحاديث كثيرة سوى هذه، وأجمع المسلمون على جواز البيع في الجملة والحكمة تقتضيه لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه ولا يبذله صاحبه بغير عوض ففي تجويز البيع طريق إلى وصول كل واحد منهما إلى غرضه ودفع حاجته (مسألة) (وله صورتان (إحداهما) الإيجاب والقبول.
فالإيجاب أن يقول البائع بعتك أو ملكتك أو نحوهما، والقبول أن يقول المشتري ابتعت أو قبلت أو ما في معناهما فإن تقدم القبول الإيجاب جاز في إحدى الروايتين) إذا تقدم القبول الإيجاب بلفظ الماضي كقوله ابتعت منك فقال بعتك صح في أصح الروايتين لأن لفظ القبول والإيجاب وجد منهما على وجه تحصل منه الدلالة على تراضيهما فيصح كما لو تقدم الإيجاب (والثانية) لا يصح لأنه عقد معاوضة فلم يصح مع تقدم القبول كالنكاح ولأن القبول مبني على الإيجاب فإذا لم يتقدم الإيجاب فقد أتى بالقبول في غير محله فوجوده كعدمه، فإن تقدم بلفظ الطلب فقال: بعني ثوبك بكذا فقال بعتك ففيه روايتان أيضاً (إحداهما) يصح لما ذكرنا وهو قول مالك والشافعي (والثانية) لا يصح وهو قول أبي حنيفة لأنه لو تأخر عن الإيجاب لم يصح به البيع فلم يصح إذا تقدم كلفظ الاستفهام ولأنه عقد عري عن القبول فلم ينعقد كما لو لم يطلب فأما إن تقدم بلفظ الاستفهام مثل أن يقول أتبيعني ثوبك بكذا فيقول بعتك لم يصح بحال.
نص عليه أحمد