والفرعة والفرع بفتح الراء أول ولد الناقة كانوا يذبحونه لآلهتهم في الجاهلية فنهوا عنها قال ذلك أبو عمرو الشيباني وقال أبو عبيد: العتيرة هي الرجبية كان أهل الجاهلية إذا طلب أحدهم أمراً نذر أن يذبح من غنمه شاة في رجب وهي العتائر، والصحيح إن شاء الله تعالى أنهم كانوا يذبحونها في رجب من غير نذر جعلوا ذلك سنة فيما بينهم كالأضحية في الأضحى وكان منهم من ينذرها كما قد ينذر الأضحية بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم " على كل أهل بيت أضحاة وعتيرة " وهذا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام تقريراً لما كان في الجاهلية وهو يقتضي ثبوتها بغير نذر ثم نسخ بعد، ولأن العتيرة لو كانت هي المنذورة لم تكن منسوخة فإن الإنسان لو نذر ذبح شاة في أي قت كان لزمه الوفاء بنذره وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرعة من كل خمسين واحدة.
قال إبن المنذر: هذا حديث ثابت.
ولنا على أنها لا تسن ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا فرع ولا عتيرة " متفق عليه.
وهذا الحديث متأخر على الأمر بها فيكون ناسخا ودليل تأخر أمران (أحدهما) أن راويه أبو هريرة وهو متأخر الإسلام فإن إسلامه في سنة فتح خيبر وهي السنة السابعة من الهجرة (والثاني) أن الفرع والعتيرة كان فعلها أمراً متقدماً على الإسلام فالظاهر بقاؤهم عليه إلى حين نسخه واستمرار النسخ من غير رفع له، ولو قدرنا تقدم النهي عن الأمر بها لكانت قد نسخت ثم نسخ ناسخها، وهذا خلاف الظاهر، إذا ثبت هذا فإن المراد بالخبر نفي كونها سنة لا تحريم فعلها ولا كراهته فلو ذبح إنسان ذبيحة فقي رجب أو ذبح ولد الناقة لجاته إلى ذلك أو للصدقة به وإطعامه لم يكن ذلك مكروها والله تعالى أعلم (تم الجزء الثالث..)