كالوديعة لأن الحق إنما تعلق بالعين فسقط بتلفها، وقد روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من أهدى تطوعاً ثم ضلت فليس عليه البدل " إلا أن يشاء فإن كان نذراً فعليه البدل فأما إن أتلفها أو تلفت بتفريطه فعليه ضمانه لأنه أتلف واجباً لغيره فضمنه كالوديعة وإن خاف عطبه أو عجزه عن المشي وصحبه الرفاق نحره موضعه وخلى بينه وبين المساكين ولم يبح له أكل شئ منه ولا لأحد من صحابته وإن كانوا فقراء، ويستحب له أن يصبغ نعل الهدي المقلد في عنقه ثم يضرب بها صفحته ليعرفه الفقراء فيعلموا أنه هدي فيأخذوه، وبهذا قال الشافعي وسعيد بن جبير وروي عن ابن عمر أنه أكل من هديه الذي عطب ولم يقض مكانه، وقال مالك: يباح لرفتقه ولسائر الناس غير صاحبه أو سائقه ولا يأمر أحداً يأكل منه فإن أكل أو أمر من أكل أو ادخر شيئاً
من لحمه ضمنه لما روي هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية بن كعب صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي.
قال " انحره ثم اغمس قلائده في دمه ثم اضرب بها صفحة عنقه ثم خل بينه وبين الناس " فيدخل في عموم قوله " خل بينه وبين الناس " رفقته وغيرهم ولنا ماروى ابن عباس رضي الله عنه أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول " إن عطب منها شئ فخشيت عليها فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفتك " رواه مسلم، وفي لفظ " ويخليها والناس ولا يطعم منها هو ولا أحد من أصحابه " رواه الإمام أحمد وهذا صحيح متضمن للزيادة ومعنى خاص فيجب تقديمه على عموم ما خالفه ولا يصح قياس رفقته على غيرهم لأن الإنسان يشفق على رفقته