ولم يجزئهما عن حجة الإسلام إن بلغ الصبي أو عتق العبد، قال إبن المنذر: أجمع أهل العلم إلا من شذ عنهم ممن لا يعتد بخلافه على أن الصبي إذا حج في حال صغره والعبد إذا حج في حال رقه ثم بلغ الصبي وعتق العبد أن عليهما حجة الإسلام إذا وجدا إليها سبيلاً، كذلك قال ابن عباس وعطاء والحسن والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، قال الترمذي وقد أجمع أهل العلم عليه.
وقال الإمام أحمد رحمه الله عن محمد بن كعب القرظي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني أريد أن أجدد في صدور المؤمنين عهداً أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت عنه، فإن أدرك فعليه الحج " رواه سعيد في سننه والشافعي في مسنده عن ابن عباس من قوله، ولأن الحج عبادة بدنية فعلها قبل وقت وجوبها فلم يمنع ذلك وجوبها عليه في وقتها كما لو صلى قبل الوقت، أو كما لو صلى ثم بلغ في الوقت (ومنها) ما هو شرط للوجوب وذلك الاستطاعة (مسألة) (إلا أن يبلغ ويعتق في الحج قبل الخروج من عرفة وفي طوافها فيجزئهما) إذا بلغ الصبي أو عتق العبد بعرفة أو قبلها غير محرمين فاحرما ووقفا بعرفة فأتما المناسك أجزأهما عن حجة الإسلام بغير خلاف علمناه لأنهما لم يفتهما شئ من أركان الحج ولا فعلا منها شيئاً قبل وجوبه، وإن كان البلوغ والعتق وهما محرمان أجزأهما أيضاً عن حجة الاسلام، كذلك قال ابن عباس وهو مذهب الشافعي واسحاق وهو قول الحسن في العبد، وقال مالك لا يجزئهما اختاره ابن المنذر.
وقال أصحاب الرأي لا يجزئ العبد، فأما الصبي فإن جدد إحراماً بعد أن أحتلم قبل الوقوف أجزأه وإلا فلا لأن إحرامهما لم ينعقد واجباً فلا يجزي عن الواجب كما لو بقيا على حالهما ولنا أنه أدرك الوقوف حراً بالغاً فأجزأه كما لو احرم تلك الساعة، قال أحمد وطاوس عن ابن عباس إذا أعتق العبد بعرفة اجزأت عنه حجته، فإن أعتق بجمع لم تجز عنه، وهؤلاء يقولون لاتجزئ ومالك يقوله أيضاً، وكيف لا يجزئه وهو لو أحرم تلك الساعة كان حجة تاماً وما أعلم أحداً قال لا يجزئه إلا هؤلاء
(فصل) والحكم فيما إذا أعتق للعبد وبلغ الصبي بعد خروجهما من عرفة فعادا إليها قبل طلوع الفجر ليلة النحر كالحكم فيما إذا كانا فيها لأنهما قد أدركا من الوقت ما يجزئ ولو كان لحظة، وإن لم يعودا أو كان ذلك بعد طلوع الفجر من يوم النحر لم يجزئهما عن حجة الاسلام ويتمان حجهما تطوعا لفوات الوقوف المفروض ولا دم عليهما لانهما حجاً تطوعاً بإحرام صحيح من الميقات فأشبها البالغ الذي يحج تطوعاً، فإن قيل فلم لا قلتم إن الوقوف فعلاه يصير فرضاً كما قلتم في الإحرام الذي أحرم به قبل