اعتكافه تطوعاً له ترك جميعه فكان له ترك بعضه ولذلك تركه لما أراد نساؤه الاعتكاف معه وأما المشي فيختلف فيه طباع الناس وعليه في تغيير مشيه مشقه ولا كذلك هاهنا فإنه لا حاجة به إلى الخروج إذا ثبت ذلك فإنه إن فعله في متتابع لزمه الاستئناف لأنه أمكنه الاتيان بالمنذور على صفته أشبه حالة الابتداء وإن فعله في معين لزمه الكفارة لتركه النذر لغير عذر وفي الاستئناف وجهان (أحدهما) يلزمه كالمتتابع ولأنه كان يلزمه التتابع مع التعين فإن تعذر التعين لزمه التتابع لإمكانه ومن ضرورته الاستئناف (والوجه الثاني) لا يلزمه الاستئناف لأن ما مضى منه قد أدى العبادة فيه أداء صحيحاً فلم تبطل بتركها في غيره كما لو أفطر في أثناء شهر رمضان ولأن التتابع هاهنا حصل ضرورة التعيين مصرح به فإذا لم يكن بد من الإخلال بأحدهما ففيما حصل ضرورة أولى ولان وجوب التتابع من حيث الوقت لامن حيث النذر فالخروج في بعضه لا يبطل ما مضى منه كصوم رمضان إذا أفطر لغير عذر فعلى هذا يقضي ما أفسد فيه حسب ويكفر على كلا الوجهين لأصل الوجهين فيمن نذر صوماً معيناً فأفطرفي بعضه فإن فيه روايتين كالوجهين اللذين ذكرناهما وكذلك الحكم في كل من أفسد اعتكافه بجماع أو غيره فان كان الاعتكاف تطوعاً فلا قضاء عليه لأن التطوع لا يلزم بالشروع فيه في غير الحج والعمرة وقد ذكرنا ذلك (فصل) فإن نذر اعتكاف أيام متتابعة بصوم فأفطر يوما فسد تتابعه ووجب الاستئناف لإخلاله
بالإتيان بما نذره على صفته والله أعلم (مسألة) (وإن وطئ المعتكف في الفرج فسد اعتكافه ولا كفارة عليه إلا لترك نذره وقال أبو بكر عليه كفارة يمين وقال القاضي عليه كفارة الظهار) الوطئ في الاعتكاف محرم بالإجماع والأصل فيه قول الله تعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها) فإن وطئ في الفرج متعمداً أفسد اعتكافه بإجماع أهل العلم حكاه ابن المنذر ولان الوطئ إذا حرم في العبادة أفسدها كالحج والصوم وإن كان ناسياً أفسده أيضاً وهذا قول أبي حنيفة ومالك وقال الشافعي لا يفسد لأنها مباشرة لا تفسد الصوم فلا تفسد الاعتكاف