فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له " قال نافع كان عبد الله
ابن عمر إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوماً يبعث من ينظر له الهلال فإن رؤي فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال دون منظرة سحاب أو قتر أصبح صائماً ومعنى اقدروا له أي ضيقوا له من قوله تعالى (ومن قدر عليه رزقه) أي ضيق عليه وقوله (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) والتضييق له أن يجعل شعبان تسعة وعشرون يوماً، وقد فسره ابن عمر بفعله وهو رواية وأعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره كما رجع إليه في تفسير التفرق في خيار المتبايعين ولأنه شك في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنه من غير رمضان فوجب الصوم كالطرف الآخر، قال علي وابو هريرة وعائشة: لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان، ولأن الصوم يحتاط له ولذلك وجب الصوم بخبر واحد ولم يفطروا إلا بشهادة اثنين.
فأما خبر أبي هريرة الذي احتجوا به فإنه يرويه محمد بن زياد وقد خالفه سعيد بن المسيب فرواه عن أبي هريرة " فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين " وروايته أولى لإمامته واشتهار ثقته وعدالته وموافقته لرأي أبي هريرة ومذهبه ولخبر ابن عمر الذي رويناه ويمكن حمله على ما إذا غم في طرفي الشهر ورواية ابن عمر " فاقدروا له ثلاثين " مخالفه للرواية الصحيحة المتفق عليها ولمذهب ابن عمر، ورواية النهي عن صوم يوم الشك محمول على حال الصحو جمعاً بينه وبين ما ذكرنا (مسألة) (وإذا رأى الهلال نهاراً قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المقبلة) المشهور عن أحمد أن الهلال إذا رؤي نهاراً قبل الزوال أو بعده وكان ذلك في آخر رمضان لم يفطروا برؤيته وهذا قول عمر وابن مسعود وابن عمر وأنس والاوزاعي ومالك والليث وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق، وحكي عن أحمد أنه إن رؤي قبل الزوال فهو للماضية وإن كان بعده فهو لليلة المقبلة، وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه رواه سعيد وبه قال الثوري وأبو يوسف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " وقد رأوه فيجب الصوم والفطر ولأن ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية ولنا ما روى أبو وائل قال جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين أن الأهلة بعضها أقرب من بعض فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى تمسوا أو يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس عشية ولأنه قول من سمينا من الصحابة، وخبرهم محمول على ما إذا رؤي عشية بدليل ما لو رؤي بعد الزوال، ثم أن
الخبر إنما يقتضي الصوم والفطر من الغد بدليل ما لو رآه عشية، فأما إن كانت الرؤية في أول رمضان فالصحيح أيضاً أنها لليلة المقبلة وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه للماضية، فعلى هذا يلزم قضاء ذلك اليوم وإمساك بقيته احتياطاً للعبادة لأن ما كان لليلة المقبلة في آخره فهو لها في أوله كما لو رؤي بعد العصر