. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: والأوْلَى أن لا يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ بالوَصِيَّةِ وإن كان غَنِيًّا؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «والثُّلُثُ كثِيرٌ». قال ابنُ عباس: لو أن الناسَ غَضُّوا (?) مِن الثُّلُثِ، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الثُّلُث كثيرٌ». مُتَّفَق عليه. وقال القاضي، وأبو الخَطّابِ: إن كان غَنِيًّا استُحِبَّ الوَصِيَّةُ بالثُّلُثِ. ولَنا، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسَعْدٍ: «والثُّلُثُ كثير». مع إخْبارِه إيّاه بكَثْرَةِ مالِه وقِلَّةِ عيالِه، فإنَّه قال في الحديثِ: إنَّ لي مالًا كثيرًا, ولا يَرثُني إلَّا ابْنَتِي. وروَى سعيد (?)، ثنا خالدُ بنُ عبدِ اللهِ، ثنا عَطاءُ بنُ السّائِبِ، عن أبي عبدِ الرحمنِ السُّلَمِيِّ, عن سعدِ بنِ مالكٍ؛ قال: مَرِضْتُ مَرَضًا فعادَنِي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: «أوْصَيتَ؟». فقُلْتُ: نعم، أوْصَيتُ بمالي كُلِّه للفُقَراءِ وفي سَبِيلِ اللهِ، فقال لي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أوْصِ بالعُشْرِ». فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مالِي كثير، ووَرَثَتي أغْنِياءُ. فلم يَزَلْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنَاقِصُني وأُناقِصُه حتى قال: «أوْصِ بالثُّلُثِ، والثُّلُثُ كثير». قال أبو عبدِ الرحمنِ: لم يكنْ منّا مَن يَبْلُغُ في وَصِيَّته الثُّلُثَ حتى يَنْقُصَ منه شيئًا؛ لقولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الثُّلُثُ والثُّلُثُ كثير». إذا ثَبَت هذا،