. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فصل: وتَثْبُتُ للذِّمِّيِّ على الذِّمِّيِّ؛ لعُمُومِ الأخْبارِ، ولأنَّهما تَساوَيَا في الدِّينِ، فتَثْبُتُ لأحَدِهما على الآخرِ، كالمُسْلِمَينِ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا. فإن تَبايَعُوا بخَمْر أو خِنْزِير، وأخَذَ الشَّفِيعُ بذلك، لم يُنْقَضْ ما فعلُوه. وإن جَرَى التَّقابُضُ بينَ المُتَبايِعَين دُونَ الشَّفِيعِ، وتَرافَعُوا إلينا، لم نَحْكُمْ له بالشُّفْعَةِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو الخَطَّابِ: إن تَبايَعُوا بخَمْرٍ، وقُلْنا: هي مالٌ لهم. حَكَمْنا له (?) بالشُّفْعَةِ. وقال أبو حنيفةَ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ إذا كان الثَّمَنُ خَمْرًا؛ لأنَّها مالٌ لهم، فأشْبَهَ ما لو تَبايَعُوا بدَرَاهِمَ، لكنْ إن كان الشَّفِيعُ ذِمِّيًّا، أخَذَه بمِثْلِه، وإن كان مُسْلِمًا، أخَذَه بقِيمَةِ الخَمْرِ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ بخَمْر، فلم تَثْبُتْ فيه الشُّفْعَةُ، كما لو كان بينَ مُسْلِمَين ولأنَّه عَقْدٌ بثَمَن مُحَرَّم، أشْبَهَ البَيعَ بالخِنْزِيرِ والمَيتَةِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ الخَمْرَ مالٌ لهم (?)؛ فإن اللهَ تَعالى حَرَّمَه كما حَرَّمَ الخِنْزِيرَ، واعْتِقادُهُم حِلَّه لا يَجْعَلُه مالًا، كالخِنْزِيرِ، وإنَّما لم يُنْقَضْ عَقْدُهُم إذا تَقابَضُوا؛ لأنَّنا لا نَتَعَرَّضُ لما فَعَلُوه مِمَّا يَعْتَقِدُونه في دِينهم ما لم يَتَحاكَمُوا إلينا قبلَ تَمامِه، ولو تحاكَمُوا إلينا قبلَ التَّقابُضِ لَفَسَخْناه. فأمَّا أهْلُ البِدَعِ فتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لمَن حَكَمْنا بإسْلامِه منهم، كالفاسِقِ بالأفْعالِ؛ لعُمُوم الأدِلَّةِ التي ذَكَرْناها. وروَى حَرْبٌ عن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ عن أصحابِ البِدَعِ، هل لهم شُفعَةٌ؟ وذُكِرَ له عن ابنِ إدْرِيسَ أنَّه قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015