. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
داودَ (?). يَعْنِي أنَّه يَقْصِدُ المَزْحَ مع صاحِبِه بأَخْذِ مَتاعِه، وهو جادٌّ في إدْخالِ الغَمِّ والغَيظِ عليه. ولأنَّه أَزال يَدَ المالِكِ عن مِلْكِه بغيرِ حَقٍّ، فلَزِمَتْه إعادَتُها. وأجْمَعَ العُلَماءُ على وُجُوبِ رَدِّ المَغْصُوبِ إذا كان بِحالِه لم يتَغَيرْ، ولم يَشْتَغِلْ بغيرِه.
فصل: فإن غَصَبَ شيئًا فبَعَّدَه، لَزِم رَدُّه وإن غَرِم عليه أضْعافَ قِيمَتِه؛ لأنَّه جَنَى بتَبْعِيدِه، فكان ضَرَرُ ذلك عليه. فإن قال الغاصِبُ: خُذْ مِنِّي أجْرَ رَدِّه وتَسَلَّمْه مِنِّي ههُنا. أو بَذَلَ له أكْثَرَ مِن قِيمَتِه ولا يَسْتَرِدُّه، لم يَلْزَمِ المالِكَ قَبُولُ ذلك؛ لأنَّها مُعاوَضَةٌ، فلا يُجْبَرُ عليها، كالبَيعِ. وإن قال المالِكُ: دَعْهُ لي في مَكانِه الذي نَقَلْتَه إليه. لم يَمْلِكِ الغاصِبُ رَدَّه؛ لأنَّه أسْقَطَ عنه حَقًّا، فسَقَطَ وإن لم يَقْبَلْه، كما لو أَبْرأَهُ مِنِ دَينِه. وإن قال: رُدَّه لي إلى بعضِ الطرَّيقِ. لَزِمَه؛ لأنَّه يَلْزَمُه جَمِيعُ المَسافةِ، فلَزِمَه بعضُها المَطْلُوبُ، وسَقطَ عنه ما أسْقَطَه، كما لو أسْقَطَ عنه بعضَ دَينِه. وإن طَلَبَ منه حَمْلَه إلى مَكانٍ آخَرَ في غيرِ طَرِيقِ الرَّدِّ، لم يَلْزَم الغاصِبَ ذلك، سَواء كان أقْرَبَ مِن المكانِ الذي يَلْزَمُه رَدُّه إليه أَوْ لا؛ لأَنَّه مُعاوَضَةٌ. وإن قال: دَعْهُ في مَكانِه وأعْطِنِي أَجرَ رَدِّه. لم يَلْزَمْه ذلك، ومهما اتَّفَقا عليه مِن ذلك جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، لا يَخْرُجُ عنهما.