. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الْآنَ بَرَّدْتَ عَلَيهِ (?) جِلْدَهُ». وهذا صَرِيحٌ في بَراءةِ المَضْمُونِ عنه؛ لقَوْلِه: «وَبَرِئَ المَيِّتُ مِنْهُمَا». ولأنَّه دَينٌ واحِدٌ، فإذا صار في ذمَّةٍ ثانِيَةٍ (?)، بَرئَتِ الأولَى منه، كالمُحَالِ به؛ لأنَّ الدَّينَ (?) الواحِدَ لا يَحِلُّ في مَحَلَّينِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقةٌ بدَينهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» (?). وقَوْلُه في خَبَرِ أبي قَتادةَ: «الآنَ بَرَّدْتَ عَلَيهِ جِلْدَهُ». حينَ أخْبَرَه أنَّه قَضَى دَينَه. ولأنَّها وَثِيقَة، فلا تَنْقُلُ الحَقَّ، كالشَّهادَةِ. فأمّا صَلاةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على المَضْمُونِ عنه؛ فلأنَّه بالضَّمانِ صار له وَفاءٌ، وإنَّما كان، عليه الصلاةُ والسلامُ، يَمْتَنِعُ مِن الصلاةِ على مَدِين لم يُخَلِّفْ وَفاءً. وأمّا قَوْلُه لعليٍّ: «فَكَّ الله رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخيكَ». فإنَّه كان بحالٍ لا يُصَلِّي عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا ضَمِنَه فَكَّه مِن ذلك، أو ما في مَعْناه. وقَوْلُه: «بَرِيء الْمَيِّتُ مِنْهُمَا». أي صِرْتَ أنت المُطالبَ بهما. وهذا على وَجْهِ التَّأْكِيدِ؛ لثُبُوتِ الحَقِّ في ذِمَّتِه، ووُجُوبِ الأداءِ عنه؛ بدَليلِ قَوْلِه حينَ أخْبَره بالقَضاءِ: «الْآنَ بَرَّدْتَ عَلَيهِ جِلْدَهُ». وفارَقَ الضَّمانُ الحَوالةَ، فإنَّ الضَّمانَ مُشْتَقٌّ مِن الضَّمِّ بينَ الذِّمَّتّين في تَعَلُّقِ الحَقِّ بهما وثُبُوتِه فيهما، والحَوالةُ من التَّحَوُّلِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015