. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولأَنَّ المُبايَعَةَ تَكْثُرُ بينَ الناسِ في أسْواقِهِم وغيرِها، فلو وَجَبَ الإِشْهادُ في كُلِّ ما يَتَبَايَعُونَه، أَفْضَى إلى الحَرَجِ المَحْطُوطِ عَنّا بقَوْلِه تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (?). والآيَةُ المرادُ بها الإِرْشادُ إلى حِفْظِ الأَمْوَالِ والتَّعْلِيمُ، كما أمَرَ بالرَّهْنِ والكاتِبِ، وليس بواجِبٍ، وهذا ظاهِر إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: ويُكْرَهُ البَيْعُ والشِّرَاءُ في المَسْجِدِ؛ لِما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: «إذا رَأيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أو يَبْتَاعُ في المَسْجِدِ، فقُولُوا: لا أرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ». رَواهُ التِّرْمِذِىُّ (?)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وقال قومٌ: لا بَأْسَ به. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ للحَدِيثِ المَذْكوُرِ. فإنْ باعَ، فالبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لأَنَّه تَمَّ بأَركَانِه وشُرُوطِه، ولم يَثْبُتْ وجُودُ مُفْسِدٍ له، وكَراهَةُ ذلك لا تُوجبُ الفَسَادَ، كالغِشِّ في البَيْعِ والتَّدْلِيس والتَّصْرِيَةِ. وفى قولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «قُولُوا: لا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ». مِن غيرِ إخْبارٍ بفَسَادِ البَيْعِ دَلِيلٌ على صِحَّتِه. واللَّهُ أَعْلَمُ.