. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فقال: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ المُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، إنِّى لأرْجُو أَنْ ألْقَى اللَّهَ ولَيْسَ أحَدٌ يَطْلُبُنِى يمَظْلِمَةٍ، في دَمٍ، ولا مالٍ». قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وعن أبى سَعِيدٍ مِثْلُه (?). فوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِن وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، أنَّه لم يُسَعِّرْ، وقد سَأَلُوه ذلك، وِلو جازَ لأجَابَهُم إليه. الثانى، أنَّه عَلَّلَ بكَوْنِه مَظْلِمَةً، والظُّلْمُ حَرَامٌ. ولأنَّه مَالُه، فلم يَجُزْ مَنْعُه مِن بَيْعِه بما تَرَاضَى عليه المُتَبَايِعَانِ، كما لو اتَّفَقَ الجماعَةُ عليه. والظّاهِرُ أنَّه سَبَبُ الغَلَاءِ؛ لأنَّ الجالِبِينَ إذا بَلَغَهُم ذلك، لم يَقْدَمُوا بسِلْعَتِهم بَلَدًا يُكْرَهُونَ عك بَيْعِها فيه بغيرِ ما يُرِيدُونَ، ومَن عندَه البِضَاعَةُ يَمْتَنِعُ مِن بَيْعِها، ويَكْتُمُها، ويَطْلُبُها المحتاجُ إليها، ولا يَجِدُها إلَّا قَلِيلًا، فَيَرْفعُ في ثَمَنِها ليُحَصِّلَهَا، فَتَغْلُو الأسْعارُ، ويَحْصُلُ الإِضْرَارُ بالجَانِبَيْنِ، جانِبِ المُلَّاكِ في مَنْعِهِم من بَيعِ أَمْلَاكِهِم، وجانِبِ المُشْتَرِى في مَنْعِه مِن الوُصُولِ إلى غرَضِه، فيكونُ حَرَامًا. فأمّا حَدِيثُ عمرَ، فقد رَوَى فيه سعيدٌ، والشافعىُّ، أنَّ عمرَ لَمَّا رَجَعَ حاسَبَ نَفْسَهُ، ثم أَتَى حاطِبًا في دَارِه، فقال: إنَّ الذى قلتُ لك ليس بعَزِيمَةٍ مِنِّى، ولا قَضاءٍ، وإنَّما هو شئٌ أَرَدْتُ به الخَيْرَ لأَهْلِ البَلَدِ، فحيثُ شِئْت فبعْ كيف شِئتَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015